تفسيرَ الصحابي أصلاً تعتمده، وتجعله هو بذاته شاهداً عربياً كغيره من شواهدِ العربية عند اللغويين.
وأنتَ بهذا الفعلِ كأنَّكَ ممن يحمِلُ المتقدِّمين على مصطلحاتِ من جاء بعدَهم فتُلزمهم بها، وهذا العمل معروفٌ بطلانه وما فيه من الخطأ؛ أعني: كأنَّكَ تريده على ما علِمَه من جاء بعدَه دونَ ما علِمَه هو، وليس هذا المعنى الذي عرفتَه ـ وهو الجمع ـ مما قد خَفِيَ عليه، بل هو مشهورٌ معروفٌ في كلامه.
الموقفُ الثالث: أن تتوسَّطَ بين الموقِفَيْنِ السابقين، فتجتهدَ في توجيه المعنى الذي ذكرَهُ إلى المعنى المشهور، فتقول: إن أُبيَّ بن كعب فسَّرَ حُشِرَت باخْتَلَطَتْ من باب التفسير بلازمِ اللفظ، لا بمطابِقِه، ذلك أن كلَّ جمعٍ بين أشياءٍ يلزَمُ منه الاختلاط، فيكون عبَّر عن المعنى اللازِم دون البيانِ عن معنى الكلمة المباشِرِ في لغة العرب. وتكون بهذا قَبِلْتَ قولَهُ، وجعلتَهُ مُنْدَرِجاً تحتَ المعنى المشهورِ من اللفظ، والله أعلم.
وهذا الموقفُ الأخيرُ لا يتأتَّى في كلِّ مثالٍ واردٍ عن السلفِ في معاني المفرَدات التي لا تجِدها في كتب اللغة، فكن على علم بذلك.
ومما أختمُ به هذه المسألة: أن تُفَرِّقَ بين ترجيحِ قولٍ من أقوالهم، وبين الاعتراضِ عليه لغة، والأمرُ في هذا أنك لو رَجَّحْتَ معنى الجمعِ في تفسير الحشر، فإنَّ هذا لا يعني أنك تردُّ الدلالاتِ اللغوية الأخرى الواردةِ عن السلف، أما إذا أنكرتَ أن يكونَ الخَلْطُ من معاني الحشرِ في اللغة، فقد وقعتَ في ردِّ ما وردَ عنهم، فتأمَّل الفرقَ بين الأمرين، والله الموفِّق.
وأخيراً، هذا جُهدي، فما كان فيه من خطأ وزَلَلٍ فمنِّي وحدي، وما كان فيه من صوابٍ فبفضلِ الله ومِنَّتِه.
وفي ختامِ هذه المقدِّمة أسألُ اللَّهَ القبولَ، والثباتَ على دينه حتى