وقَالَ ابنُ نَافِع: لَا يَزِيدُ عَلَى ثَلاَثِ مَرَّاتٍ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ، ومَعْنَاهُ: أَنَّ المَرَّةَ الأُولَى اسْتِئْذَان، والثَّانِيةَ: مَشُورَةٌ هَلْ يُؤْذَنُ لَهُ في الدُّخُولِ أَمْ لَا؟، والثَّالِثَةُ: عَلاَمَة للرّجُوعِ، فَلِذَلِكَ لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلاَثَةِ، وكَذَلِكَ في حَدِيثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
قالَ مَالِكٌ: لَا يُسَمَّتُ (?) العَاطِسُ إلَّا أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُ حَمْدَ اللهِ -جَلَّ وَعَزَّ-، كَمَا أَنَّهُ لَا يُرَدّ السَّلاَمُ إلَّا عَلَى مَنْ سَلَّمَ ابْتِدَاء، فتَسْمِيتُ العَاطِسِ هُوَ مِنْ نَحْوِ سَلاَمِ المُسْلِمِ، فإذَا زَادَ ذَلِكَ أَرْبَعَاً فَقُلْ: (إنَّكَ مَضْنُوكٌ)؛ أيْ مَزْكُومٌ، والضِّنَاكُ:
الزُّكْمَةُ.
* قَوْلُهُ: "لَا تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتَاً فِيهِ تَمَاثِيلُ أَو تَصَاوِيرُ" يُرِيدُ: لَا تَدْخُلُهُ مَلاَئِكَةُ الوَحِي، فأَمَّا الحَفَظَةُ فَلَا تُزَايِلُ أَصحَابَهَا في البِيُوتِ وغَيْرِهَا، قالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18].
* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: رَخَّصَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ في امْتِهَانِ مَا كَانَ مِنَ التَّصَاوِيرِ رَقْمَاً فَي ثَوْبٍ، وَتَنَزَّهَ عَنْهُ أَبو طَلْحَةَ -رَحِمَهُ اللهُ- للإخْتِلاَفِ الذِي فِيهِ، ولَذِلَكِ قالَ: (هُوَ أَطْيَبُ لِنَفْسِي).
وقَدْ رَوَى حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، مِنْ طَرِيقِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ عَلَى بَابِي سِتْرَاً فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَلْقُوهُ، فَقَطَّعْنَاهُ وَجَعْلَنَا مِنْهُ نُمْرُقَتَيْنِ، فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا النبي - صلى الله عليه وسلم - " (?)، فَجَاءَتِ الرُّخْصَةُ في هَذا الحَدِيثِ فِيمَا يُمْتَهَنُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بهِ، وأَمَّا مَا كَانَ صُورَةً قَائِمَة فَمَكْرُوهٌ إيْجَادُهَا في البِيُوتِ وغَيْرِهَا.