قالَ أَبو عُمَرَ: إلَّا في طَلَبِ العِلْمِ، فإنَّ الحَيَاءَ فِيهِ ضَعْفٌ، والإسْتِكْبَارُ فِيهِ مَذْمُومٌ، وقالَ بَعْضُ الفُقَهَاءِ: مَا تَعَلَّمَ مُسْتَحِيٌّ، ولَا مُسْتَكْبِرٌ.
قالَ عِيسَى: قَوْلُ الرَّجُلِ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "عَلِّمْنِي كَلِمَاتٍ أَعِيشُ بِهِنَّ" [3362] , [يَعْنِي: أَعِيشُ] (?)، وتَصْحَبَنِي الكَلِمَاتُ، فَقَالَ لَهُ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَغْضَبْ"، يُرِيدُ: أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَغْضَبْ حَسُنَتْ أَخْلَاقُهُ، وخَفَّتْ مَؤُونتهُ، وأَحَبَّهُ النَّاسُ.
* قَوْلُهُ: "لَيْسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ" [3363] يَعْنِي: لَيْسَ القَوِيُّ مَنْ يُصَارِعُ النَّاسَ فَيَغْلِبُهُمْ، "إنَّمَا القَوِيُّ الذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ"، يَعْنِي: يَغْلِبَ نفْسَهُ عِنْدَ غَضَبِهِ، فَيَمْنَعَهَا مِنْ إنْفَاذِ مَا تُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَهُ.
* قَوْلُهُ: "إيَّاكُمْ والظَّنَّ" [3367] , يُرِيدُ: إيَّاكُمْ أَنْ يَظُنَّ أَحَدُكُمْ بأَخِيهِ المُسْلِمِ ظَنَّ سُوءٍ إذا كَانَ الخَيْرُ عَلَيْهِ غَالِبًا، ولَا يَسْمَعُ مِنْهُ مَقَالَةَ نَاقِلٍ عَنْهُ قَوْلَ سُوءٍ، "فالظَّنُ أَكْذَبُ الحَدِيثِ"، وقَدْ قَالَ عَلِيُّ بنُ أَبي طَالِبٍ: (مَنْ عَلِمَ مِنْ أَخِيهِ مُرُوَءةً جَمِيلَةً فَلَا يَسْمَعَنَّ فِيهِ مَقَالَاتِ الرِّجَالِ، ولا يَقْبَلُ إلَّا مَا يَرَاهُ بِعَيْنِهِ في أُمُورٍ لا تَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا، ومَنْ حَسُنَتْ عَلَانِيَتُهُ فَنَحْنُ [لِسَرِيرَتهِ] (?) أَرْجَا)، ثُمَّ قَالَ: (ألَّا إنَّ بَيْنَ الحَقِّ والبَاطِلِ أَرْبَعُ أَصَابِعِ)، وَوَضَعَ يَدَيْهِ بَيْنَ أُذُنَيْهِ وعَيْنَيْهِ، فَقَالَ: (الحَقُّ أَنْ تَقُولَ: رَأَيْتُ بِعَيْنِي، والبَاطِلُ أَنْ تَقُولَ: سَمِعْتُ بأُذُنَيَّ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الإنْسَانُ في أَخِيهِ إلَّا مَا يَرَاهُ بِعَيْنِهِ) (?).
* وقَوْلُهُ في حَدِيثِ المُوَطَّأ: "لاتباغضوا" [3366] أَي: لا يُبْغِضْ بَعْضَكُمْ بَعْضًا، ولَا يُبْغِضْ بَعْضَكُمْ بَعْضًا إلى بَعْضٍ.
"ولَا تَحَاسَدُوا"، يَعْنِي: لا تَتَنَافَسُوا في أُمُورِ الدُّنيا، حَتَّى يَحْسَدَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَيُولِّدُ ذَلِكَ بَيْنَكُم العَدَاوَةَ والبَغْضَاءَ.