مُشَدَّدَةً -إذا بَالَتْهُ، وغَدَتْهُ -مُخَفَّفَةً- إذا رَبَّتْهُ، وإنمَا يَقُولُ النَّاسُ بالمَدِينَةِ في آخِرِ الزَّمَانِ عِنْدَ شِدَّةِ الحَالِ وتَغَيِّرِ الزَّمَانِ.

*وقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "هَذا جَبَلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ" [3313] , يَعْنِي: هَذا جَبَلٌ يُحِبُّنَا أَهْلُهُ، وَهُم الأَنْصَارُ السَّاكِنُونُ بِجَبَلِ أُحُدٍ، وكَانُوا يُحِبُّونَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ويُحِبُّهُمْ هُوَ، وقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ المَحَبَّةُ للجَبَلِ نَفْسِهِ، كَمَا يَكُونُ مِنْهُ التَّسْبِيحُ، قالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44] ,فَكَمَا يُسَبِّحُ الجَبَلُ كَذَلِكَ تَكُونُ لَهُ مَحَبّةٌ، وقَدْ قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِجَبَلٍ أُحُدٍ إذْ تَحَرَّكَ بهِ وبأَصْحَابهِ: "اسْكُنْ أُحُدٌ، فإنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهِيدٌ" (?)، وكَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأَبُو بَكْرِ وعُمَرَ، فَخَاطَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الجَبَلَ مُخَاطَبَةَ مَنْ يَعْقِلُ، فَكَذَلِكَ يَكُونُ لَهُ مَحَبَّةٌ، وكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الأَنْصَارَ، لأَنَّهُمْ آوُوهُ، ونَصَرُوهُ، وقَامُوا بالإسْلَامِ.

* قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - في المَدِينَةِ: "مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حَرَامٌ" [3314] , قالَ ابنُ نَافِع: الَّلابِتَانِ هُمَا الحَرَّتَانِ، إحْدَاهُمَا الَّتي يَنْزِلُ بِهَا الجَامعُ إذا رَجَعُوا مِنْ مَكَّةَ، وَهِيَ بِغَرْبِيِّ المَدِينَةِ، والأخْرَى مِمَّا تَلِيهَا مِنْ شَرْقِيِّ المَدِينةِ، فَمَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الحَرَّتَانِ حَرَامٌ أَنْ يُصَادَ فِيهَا طَيْرًا وغَيْرَهُ.

قالَ ابنُ نَافِعٍ: وَحَرَّةٌ أُخْرَى مِمَّا تَلِي القِبْلَةَ مِنَ المَدِينَةِ، وحَرَّةٌ رَابِعَةٌ مِنْ جِهَةِ الجَوْفِ (?)، فَمَا بَيْنَ هَذِه الحِرَارِ كُلِّهَا في الدُّوُرِ مُحَرَّمٌ أَنْ يُصَادَ فِيهَا، ومَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَثِمَ، ولَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَزَاءُ مَا صَادَهُ، كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ في حَرِمِ مَكَّةَ (?).

* وقالَ غَيْرُهُ: لَمْ يَجْعَلْ في صَيْدِ المَدِينَةِ جَزَاءً عَلَى مَنْ صَادَهُ لِعِظَمِ شَأْنِهِ، كَمَا لَمْ يَجْعَلْ في اليَمِينِ الغَمُوسِ كَفَّارَةً عَلَى مَنْ حَلَفَ بِهَا لِعِظَمِ إثْمِهَا، فَكَذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015