مُحَمَّدِ بنِ يَحْيِى بنِ حِبَّانَ: (أنَّ غُلَامًا لِعَمِّه يُقَالُ لَهُ فتيْل، وقِيلَ: فِيلٌ، سَرَقَ وَدِيًّا مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ، فَغَرسَهُ في حَائِطِ سَيِّدِه) (?)، ثُمَّ ذَكَرَ الحَدِيثَ كَمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ في المُوَطَّأ [3104].
[قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ] (?): في هَذا الحَدِيثِ مِنَ الفِقْهِ: أَنَّهُ لا قَطْعَ في الثِّمَارِ المَغْرُوسَةِ إذا سُرِقَتْ مِنْ- حِرْزٍ كَثُرتْ قِيمَتُهَا أَو قَلَّتْ، لِقَوْلهِ: "لا قَطعَ في [ثَمَرٍ ولا كثَرٍ] " (?).
قالَ أَبو عُمَرَ: وإنْ كَثُرَ ثَمَنُهَا, ولَكِنْ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُعَاقِبَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ مِنَ العُقُوبَةِ.
وفِيهِ: بَيَانُ [العَالِمِ] (?) للإمَامِ إذا أَرادَ أنْ يَقْضِي بِخِلَافِ السُّنَّةِ.
وفِيهِ: رُجُوعُ الإمَامِ إلى قَوْلِ العَالِمِ إذا عَلِمَ أَنَّ الحَقَّ في قَوْلهِ، كَمَا رَجَعَ مَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ إلى مَا أخْبَرَهُ بهِ رَافِعُ بنُ خَدِيجٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّهُ قالَ: "لا قَطْعَ في ثَمَرٍ ولَا كَثَرٍ"، يَعْنِي: لا تُقْطَعُ يَدُ مَنْ سَرَقَ مِنَ الثِّمَارِ المُعَلَّقَةِ في رُؤُوسِ الشَّجَرِ، ولَا عَلَى مَنْ قَلَعَ كَثَرًا مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ فَغَرسَهُ في حَائِطِه، والكَثَرُ: الجُمَّارُ، وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ، وجَمِيعُ نُقُولِ الثِّمَارِ، فَمَنْ سَرَقَها مِنْ حِرْزٍ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ، وعَلَيْهِ الضَّمَانُ لِقِيمَةِ مَا سَرَقَ، وُيؤَدِّبُهُ السُّلْطَانُ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ مِنَ الأَدَبِ.
وقالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سَحْنُونَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَرَقَ شَجَرَةً أو نَخْلَةً مِنْ دَارِ رَجُلٍ فإنَّهُ يُقْطَعُ.