[قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ] (?): وفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَهْلٍ تَوَرُّعِ الإنْسَانِ عَنْ أنْ يَحْلِفَ إلَّا فِيمَا يَعْلَمُ صِحَّتَهُ وحَقِيقتَهُ، وَوَدَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دِيةَ ذلِكَ المَقْتُولِ مِنْ عِنْدِه عَلَى سَبِيلِ المَصْلَحَةِ، ومِثْلُ هَذا القَتْلِ لا دِيةَ فِيهِ.
وقَدْ رَوَى ابنُ عَبْدِ الحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ قُتِلَ فَادَّعَى بَعْضُ أَوْلِيَائِهِ قُتِلَ عَمْدًا، وقالَ بَعْضُهُمْ: لا عِلْمَ لَنَا بِمَنْ قَتَلَهُ ولَا نَحْلِفُ، فإنَّ دَمَهُ بَطْل هَدْرٌ) (?)، يَعْنِي: تَسْقُطُ دَعْوَاهُمْ بِنُكُولهِمْ عَنِ الأَيْمَانِ، ومَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الدَّمَ لا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا.
قالَ الزّهْرِيُّ: قالَ حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (?): (كَانَتِ القَسَامَةُ في الجَاهِلِيَّةِ، فأَقَرَّهَا النبي - صلى الله عليه وسلم - في الإسْلَامِ) (?)، ومَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ لا يُقْسَمُ في قَتْلِ العَمْدِ مِنْ أَوْلِيَاءِ المَقْتُولِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا.
قالَ عَبْدُ المَلِكِ (?): لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّمَا عَرَضَهَا عَلَى جَمَاعَةٍ، والجَمَاعَةُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وتَجِبُ القَسَامَةُ أَيْضًا في قَتْلِ الخَطَأ، وإنْ كَانَ لا يُقْتَلُ [قَاتِلُ] (?) الخَطَأ، وذَلِكَ أَنَّ الدِّيَةَ لا تَكُونُ في قَتْلِ الخَطَأ حَتَّى يَكُونَ دَمًا، والدَّمُ لا يَسْتَحِقّ بأقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَلِذَلِكَ يُقْسَمُ في الخَطَأ كَمَا يُقْسَمُ في العَمْدِ.
قالَ عِيسَى: إذا ادُّعِيَ القَتْلُ عَلَى جَمَاعَةٍ قِيلَ لأَوْلِيَاءِ المَقْتُولِ: احْلِفُوا عَلَى مَنْ شِئْتمْ مِنْهُم خَمْسِينَ يِمِينًا أَنَّ مَنْ ضَرَبَهُ مَاتَ، فإذَا حَلَفُوا قُتِلَ المَحْلُوفُ عَلَيْهِ،