وَطَوَافِهِمْ للإفَاضَ، وإحْلاَلِهِمْ مِنْ إحْرَامِهِمْ، فإذا فَرَغَ الإمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ هَذِه صَلَّى بِهِم الظُّهْرَ والعَصْرَ، ثُمَّ دَفَعَ بِهِمْ إلى مَوْقِفِ عَرَفَةَ.
قالَ عِيسَى: والخُطْبَةُ الثالِثَةُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، يَخْطُبُ الإمَامُ فِي اليومِ الثانِي بِمَسْجِدِ مِنَى قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ خُطْبَةً يُعَلِّمُ النَاسَ فِيهَا مَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ رَمْيِهِمْ، ومَالَهُمْ مِنَ السِّعَةِ فِي التَّعْجِيلِ مِن مِنَى إلى بِلاَدِهِمْ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ بَعْدَ رَمْيِهِم الجِمَارِ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ، ويَأمْرُهُمْ بتمَام مَنَاسِكِهِمْ، ويُعَلِّمُهُمْ بِمَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الأَجْرِ، ويَفْتَتِحُ الخُطَبَ كُلَّهَا بالتكبيرِ كَمَا يَفْتَتِحُ فِي خُطْبَةِ العِيدَيْنِ، ويَجْلِسُ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ مِنْهَا، ولِكُل صَلاَة بِعَرَفَةَ وَالمُزْدَلِفَةِ أَذَانٌ وإقَامَةٌ (?).
* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: لَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عَرَفَةَ نَزَلَ بالشِّعْبِ الذي بَيْنَ عَرَفَةَ وَالمُزْدَلِفَةِ فَبَالَ ثُمَّ اسْتَنْجَى بالمَاءِ، فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ: (الصَّلَاةَ يا رَسُولَ اللهِ) [1500]، وذَلِكَ أَنَّهُ ظَن أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَسِيَ صَلَاةَ المَغْرِبِ، فَذَكَّرَهُ بِهَا، فقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الصَّلَاةُ أَمَامَكَ"، فَمَضَى حَتَّى نزلَ المُزْدَلِفَةَ، فتوضَّأَ، وجَمَعَ بَيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ بأَذَانٍ وإقَامَةٍ لِكُلِّ صَلاَةٍ، فَصَارَ الجَمْعُ بِهَا سُنَةً، إلَّا لِمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا لِعُذْرٍ فَقَدْ رُخِّصَ لَهُ أَنْ يُصَلِّي المَغْرِبَ فِي وَقْتِهَا، وَالعِشَاءَ فِي وَقْتِهَا في غَيْرِ المُزْدَلِفَةِ.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فِي هَذا الحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْتَنْجِي بالمَاءِ عِنْدَ الحَدَثِ، وفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى السَّعَةِ فِي وَقْتِ المَغْرِبِ، لأَنَّهُ أَخَّرَهَا إلى وَقْتِ مَغِيبِ الشَّفَقِ.
* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا أتَمَّ عُثْمَانُ الصَّلَاةَ بِمِنَى وَلَمْ يُصَلِّهَا صَلَاةَ سَفَرٍ لأَنَّهُ كَانَ اتَّخَذَ أَهْلاً بالطَّائِفِ، فَصَارَ كَالحَضَرِيِّ [1505].
وقالَ غَيْرُهُ: إنَّمَا أتَمَّهَا لأَنَّهُ قَالَ: أَنا خَلِيفَةٌ، فَحَيْثُ مَا كُنْتُ فأَنا فِي عِيَالِي كَالمُقِيمِ فِي أَهْلِهِ.