قالَ ابنُ نَافِعٍ: ومُبَاحٌ للرَّجُلِ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ لَيْلٍ أَو نَهَارٍ، ودَخَلَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَارَاً.
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَمَرَ مَالِكٌ مَنْ قَصَّرَ بَعْضَ شَعْرِهِ، أَو قَصَّرَ شَعْرَ امْرَأتِهِ ثُمَّ وَطِئَها قَبْلَ تَمَامٍ تَقْصِيرِ شَعْرِه كُلِّهِ أَو شَعْرِهَا كُلِّهَا أَنْ يَهْرِيقَ دَمَاً إذا فَعَلَ ذَلِكَ [1485]، مِنْ أَجْلِ أنَّهُ لَمْ يَسْتَوعِبْ تَقْصِيرَ شَعْرهِ كُلَّه، وذَلِكَ أَنَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَرَكَ بَعْضَ نُسُكِهِ الوَاجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِي بهِ كُلِّهَ، فَلِذَلِكَ وَجَبَ الدَّمُ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، يَذْبَحُ شَاةً ويَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى المَسَاكِينِ.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَوْلُ عُمَرَ: (مَنْ ضَفَّرَ فَلْيَحْلِقْ، ولَا تَشَبَّهُوا بالتَّلْبِيدِ) [1489] يَعْنِي بِقَوْلهِ: (وَلاَ تَشَبَّهُوا) أَي: لَا تَخْلِطُوا عَلَيْنَا، فإنَّ حُكْمَ التَّضْفِيرِ الحِلاَقُ كَحُكْمِ التَّلْبيدِ، وذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الحَدِيثِ: "أَنَّ مَنْ لَبَّدَ شَعْرَ رَأْسِهِ فِي حِينِ إحْرَامِهَ أنَّهُ يًحْلِقُهُ إذا حَلَّ" (?)، فَكَذَلِكَ يُلْزَمُ مَنْ ضَفَرَ شَعْرَ رَأْسِهِ الحِلاَقُ، ولَا يَجْزِيهِ التَّقْصِيرُ.
وَصِفَةُ التَّلْبيدِ: هُوَ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ الصَّمْغَ فَيَحِلُّهُ في المَاءِ ثُمَّ يَحْمِلُهُ عَلَى شَعْرِ رَأْسِهِ، فَيَشْتَدُّ ذَلِكَ الصَّمْغُ عَلَى الشَعْرِ، ويَصِيرُ كالسَّطْحِ يَمْنَعُ الغُبَارَ أَنْ يَصِلَ إلى جِلْدَةِ الرَّأْسِ، فأَوْجَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ الحِلاَقَ، فَكَذَلِكَ أَوْجَبَ عُمَرُ عَلَى مَنْ ضَفَرَ شَعْرَهُ الحِلاَقَ، مِثْلَ المُلَبِّدِ سَوَاءٌ.
* * *