مُوَطَّئِهِ [1215 أو 1216] , وقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَلَى ابنِ مَسْعُودٍ تَلْبيتَهُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ عَرَفَةَ، وقَالَ: (مَنْ هَذَا الأَعْرَابِيّ الجَافِي) (?)، إنْكَارًا مِنْهُ لِتَلْبيتِهَ حِينَئِذٍ، وإذْ لَمْ يَصْحَبِ الحَدِيثَ عَمَلٌ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَوْلُهُ: "عَرَفَةُ كلُّهَا مَوْقِفٌ" [1448] هَذَا الحَدِيثُ يُبِيحُ للرَّجُلِ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ للدُّعَاءِ حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا، وكَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - تَنْزِلُ بِنَمِرَةَ مِنْ عَرَفَةَ، ثُمَّ تَحَولَّتْ مَرَّةً أُخْرَى إلى الأرَاكِ فَنَزَلَتْ فِيهِ [1219] وَنَمِرَةُ مِنْ مَوْقِفِ عَرَفَةَ مِنْ نَاحِيةِ اليَمَنِ، وإنَّمَا كَانَتْ عَائِشَةُ تَنْزِلُ مَرَّةً هَهُنَا، ومَرَّةً هَهُنَا لِقَوْلِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِف".
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اعْتَمَرتْ عَائِشَةُ آخِرَ أَمْرِهَا مِنَ الجُحْفَةِ في المُحَرَّمِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ في أَوَّلِ أَمْرِهَا تَعْتَمِرُ في ذِي الحِجَّةِ، لِكَي تُوقِعَ عُمْرَتَهَا في غَيْرِ العَام الذِي حَجَّتْ فِيهِ، وبِهَذا قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ أَنْ يَكُونَ الحَجُّ في عَامٍ، والعُمْرَة في عَامٍ آخَرَ (?).
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنَّمَا أُمِرَ مَنْ أَحْرَمَ بالحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَنْ يُؤَخِّرَ الطَّوَافَ والسَّعِي حتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنَى، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لا يَطُوفُ بالبَيْتِ ويَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، إلَّا مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا مِنَ الحِلِّ، فَيَجْمَعُ بَيْنَ حِلٍّ وَحَرَمٍ.
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لمَ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِفُتْيَا ابنِ عَبَّاسٍ فِيمَنْ بَعَثَ بِهَدْيهِ إلى مَكَّةَ أَنْ يُحْرِمَ هُوَ، ويَجْتَنِبَ مَا يَجْتَنِبُ الحَاجُّ في حَالِ إحْرَامِهِ مِنْ إصَابَتِهِ النِّسَاءَ وغَيْرِ ذَلِكَ حتَّى يَنْحَرَ الهَدِيَ، وأَخَذَ مَالِكٌ في هَذا بِقَوْلِ عَائِشَةَ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بِهَدْيِهِ مَعَ أَبي بَكْرٍ الصِّدّيقِ إلى مَكَّةَ، فَلَمْ يُحْرِم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولَا امْتنَعَ مِنْ شيءٍ أَحَلَّهُ اللهُ لَهُ مِنْ لَبْسِ الثّيَابِ، وَوَطءِ النّسَاءِ وغَيْرِ ذَلِكَ حتَّى نَحَرَ ذَلِكَ الهَدِيَ بِمَكَّةَ" [1224].