قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: مَنْ لَمْ يَجدْ مِئْزَرَاً وَكَانَتْ مَعَهُ سَرَاوِيلُ شَقَّهَا واتَّزَرَ بِهَا، وَمَنْ لَم يَجِدِ النَّعْلَيْنِ قَطَعَ الخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَمَنْ لَبِسَ خُفَّيْنِ أَو سَرَاوِيلَ مِنْ ضرُورَةٍ افْتَدَى.
* [قالَ] عَبْدُ الرحمن: قَوْلُ عُمَرَ لِطَلْحَةَ حِينَ رَأَى عَلَيْهِ الثَّوْبَ المَصْبُوغَ بالمَدَرِ، والمَدَرُ: المُغْرَةُ (?)، فقَالَ لَهُ عُمَرُ: (إِنَّكُمْ أيُّهَا الرَّهْطُ، أَئِمَةٌ يَقْتَدِي بكُمُ النَّاسُ) [1164]، ثُمَّ ذَكَرَ القِصَّةَ إلى آخِرِهَا.
فِي هَذَا مِنَ الفِقْهِ: قَطْعُ الذّرَائِعُ التِّي تُلَبِّسُ على النَّاسِ، وذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ يَقْتَدُونَ بِعُلَمَائِهِمْ في كُلِّ مَا رَأَوْهُمْ يَصْنَعُونه، فَمَنْ كَانَ إمَامًا مُقْتَدَى بهِ لَزِمَهُ مُرَاعَاةُ أَحْوَالِهِ، وتَرْكُ مَا يَلْتَبسُ عَلَى النَّاسِ، وَأَصْلُ قَطْع الذَّرَائِعِ في كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَوْلُهُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} [البقرة: 104]، وذَلِكَ أَنَّ اليَهُودَ كَانُوا يَقُولُونَ للنبِّي - صلى الله عليه وسلم - إذا أَرَادُوا مُخَاطَبَتَهُ: رَاعِنَا سَمْعَكَ، وَكَانَتْ عِنْدَهُمْ هَذِه الكَلِمَةُ بِمَنْزِلَةِ السَّبِّ، وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا خَاطَبُوهُ فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ قَالُوا لَهُ: رَاعِنَا بِسَمْعِكَ يا رَسُولَ اللهِ، فأَعْلَمَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - مَذْهَبَ اليَهُودِ في هَذِه الكَلِمَةِ، وأَنْزَلَ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا} فَقَطَعَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهَذا مَا كَانَت اليَهُودُ يَتَذَرَّعُونَ بهِ إلى لسَبِّ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ حِينَ نزلَتْ هَذِه الآيةُ: (لَئِنْ سَمِعْتُ أَحَدَاً مِنَ اليَهُودِ يَقُولُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَاعِنَا لأَقْتُلَنَّهُ) (?).
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ تَلْبَسَ النِّسَاءُ فِي حَالَةِ الإحْرَامِ مِنَ الثِّيَابِ المُعَصَفَّرِ بالزُّعْفَرَانِ، والمَصْبُوغِ بالوَرْسِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَنتفِضُ على الجِلْدِ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الطِّيبِ الذي نَهَى المُحْرِمُ أَنْ يَسْتَعِمَلَهُ فِي حَالَةِ إحْرَامِهِ.