لِمُسْلِم ثُمَّ وَجَدَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ البَيْع ثُمَّ لَمْ يَأْخُذْهُ إلَّا بالثَّمَنِ، لأَنَّهُ بِيعَ ذَلِكَ باجْتِهَادِ الإمَامِ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَمْ يَحِلَّ اسْتِرْقَاقُ أُمّ الوَلَدِ وإنْ قُسِمَتِ الجِزْيَةُ التِّي فِيهَا، وقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في أُمِّ وَلَدَةٍ: "أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا" (?)، وإذا بِيعَتْ أُمُّ وَلَدِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ في الغَنِيمَةِ فَدَاهَا الإمَامُ، فإنْ لَمْ يَفْعَلْ فَدَاهَا سَيِّدُهَا، ويُتْبَعُ بثَمَنِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُفْدِيهَا بهِ في الوَقْتِ.
* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: كَانَ أَبو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيَّ يُسَمَّى فَارِسَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - منْ أَجْلِ شيَجَاعَتِهِ، وإنَّمَا نَفَّلَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - درْعَ المُشْرِكِ الذي كَانَ أَبو قتَادَةَ قَدْ قتَلَهُ بَعْدَمَا بَرَدَ القِتَالُ، على سَبيلِ الإجْتِهَادِ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأَعْطَاهُ إيَّاهُ بإقْرَارِ الرَّجُلِ الذي كَانَ الدِّرْعُ عِنْدَهُ، وهَذا حُكْمُ كُلِّ مُقِرٍّ لِغَيْرِهِ بِحَقٍّ لَهُ في يَدَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهُ إليهِ [1654].
وقالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: السَّلَبُ مِنَ الخُمُسِ، وَيكُونُ ذَلِكَ في أَوَّلِ مَغْنَمٍ، وأَخْذُهُ على وَجْهِ الإجْتِهَادِ مِنَ الإمَامِ، ولَا يَجُوزُ نَفْل قَبْلَ الغَنِيمَةِ، وإنَّمَا قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ" بَعْدَمَا بَرَدَ القِتَالُ، وهَذا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى، لِقَوْلهِ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا"، ومَنِ ادَّعَى أَنَّهُ فِيمَا مَضَى وفِيمَا يُسْتَقْبَلُ فَعَلَيْهِ إقَامَةُ الدَّلِيلِ على ذَلِكَ، وإِنَّمَا فَعَلَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِحُنَيْنٍ بَعْدَمَا بَرَدَ القِتَالُ، ويَدُلُّ على أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بهِ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا لَازِمًا في المُسْتَقْبَلِ أَنَّهُ أَعْطَى ذَلِكَ الدِّرْعَ أَبَا قَتَادَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ بغَيْرِ يِمِينٍ، ذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى مِثْلُ هَذا مِنَ الخُمُسِ إذا رَأَى الإمَامُ ذَلِكَ مَصْلَحَة، فَالاجْتِهَادُ في هَذا مُؤْتَنَفٌ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، إذ لَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ في غَيْرِ يَوْمِ حُنَيْنٍ، ولَا فَعَلَهُ أَبو بَكْرٍ ولَا عُمَرُ، فَلَيْسَ السَّلَبُ للقَاتِلِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ حتَّى يَقُولَهُ الإمَامُ، ويَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ على وَجْهِ الإجْتِهَادِ (?).