* قالَ مَالِكٌ: كَانَ الغَزُو إلى الشَّامِ إذْ كَانَ ابنُ عُمَرَ يُعْطِي الشَّيءَ في سَبيلِ اللهِ، ثُمَّ يَقُولُ للَّذِي يُعْطِيهِ إيَّاهُ: "إذا بَلَغْتَ بهِ وَادِي القُرَى فَشَأنُكَ بهِ) [1633]، أَي: افْعَلْ مَا شِئْتَ بهِ.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لأَنَّهُ قَدْ بَلَغَ بِهِ أَوَّلَ مَوْضِعِ الجِهَادِ، فإذا بَلَغَ الرَّجُلُ بِمَا يُعْطَاهُ على أَنْ يُجَاهِدَ بهِ رَأْسَ مَغْزَاتِهِ، فَالَّذِي يُعْطَاهُ مِنْ ذَلِكَ مَالٌ مِنْ مَالِهِ يَصْنَعُ بهِ مَا شَاءَ.
قالَ عِيسَى: وأَمَّا إذا أُعْطِيَ الرَّجُلُ الشَّيءَ لِيُنْفِقُهُ في الغَزْوِ فَأنْفَقَ، ثُمَّ فَضَلَتْ مِنْهُ فَضْلَةٌ بِيَدِه فإنَّهُ يَجْعَلُهَا في سَبِيلِ اللهِ، وإنْ أُعْطِيَ ذَلِكَ للغَزْوِ فَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ بِيَدِه بَعْدِ نَفَقَاتِهِ في غَزْوِهِ، فَهُوَ مَالٌ مِنْ مَالِهِ.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: رُوِيَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ، فقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إني أَتَيْتُ لأُجَاهِدَ مَعَكَ وتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ، فقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ارْجِعْ إليهِمَا فأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا" (?)، فَلِهَذَا الحَدِيثِ قالَ مَالِكٌ: لَا يُغْزَى بِغَيْرِ إذْنِ الأَبَوَيْنِ، إلَّا أَنْ يَفْجَأَ العَدُوُّ مَدِينَةً للمُسْلِمِينَ ويُغِيرُوا عَلَيْهَا، فَوَاجِبٌ على النَّاسِ الخُرُوجُ إليهِم للمُدَافَعَةِ عَنْهُمْ، ولَا يُسْتأذْنُ الأَبَوَانِ في مِثْلِ هَذَا.
* قالَ أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ: رَوَى مَالِكٌ حَدِيثَ ابنِ عُمَرَ عَلَى الشَّكِّ، وذَلِكَ قَوْلُهُ: "فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، أَو أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا، ونُفِّلُوا بَعِيرًا