لَهُم مِنْ أَمْوَالِهِم قَدْرُ مَا يَعِيشُونَ بهِ، وإنَّمَا فَعَلَ بِهِم أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ لأَنَّهُمْ لَا شَوْكَةُ فِيهِم ولَا مُقَاتَلَةُ، وأَمَا الَّذينَ (فَحَصُوا عَنْ أَوْسَاطِ رُؤُوسِهِمْ) فَهُمُ الشَّمَامِسَةُ (?)، وهَؤُلَاءِ يُقْتَلُونَ إذا قُدِرَ عَلَيْهِمْ، وأَمَّا الكَبِيرُ الذي لَا نِكَايَةَ عِنْدَهُ ولَا تَدْبِيرَ فإنَّهُ لَا يُقْتَلُ، فإذا كَانَ مِمَّنُ يُدَبِّرُ أَمْرَ الحَرْبِ، ويُحرَّضُ عَلَى قِتَالِ المُسْلِمِينَ فإِنَّهُ يُقْتَلُ، وقَدْ قتَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - درَيْدَ بنَ الصّمَّةِ، وَهُوَ ابنُ عِشْرينَ ومِائَةِ سَنَةٍ، لِتَحْرِيضِهِ أَصْحَابهِ على مُقَاتِلَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ونَصْرِه بالحُرُوبِ (?).
وقَوْلُ أَبي بَكَرٍ: (لَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا) قالَ ابنُ القَاسِمِ: إنَّمَا هَذَا في كُلِّ بَلَدٍ يَرْتَجِ المُسْلِمُونَ إذا غَنِمُوهُ البَقَاءَ فِيهَا وسُكْنَاهَا، فإنَّهُا لَا تُخْرَّبُ، ولَا تُقْطَعُ ثِمَارُهَا، وأَمَّا إذا كَانَتْ مُنْقَطِعَةً عَنِ المُسْلِمِينَ فَإنَّهَا تُخَرَّبُ مَسَاكِنُهَا، وتُقْطَعُ ثِمَارُهَا، وتُحْرَقُ زُرُوعُهَا.
قالَ: ولَا بَأْسَ إذا عَسُرَ إخْرَاجُ العَسَلِ مِنَ اللُّجَجِ أَنْ يُغْرَّقَ في المَاءِ، لِكي يَخْرُجَ مِنْهُ النَّحْلُ، ولَا يُحْرَّقُ بالنَّارِ.
* قالَ مَالِكٌ: لَيْسَ العَمَلُ على قَوْلِ عُمَرَ فِيمَنْ أَمَّنَ مُشْرِكًا فَقَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ أَمَّنَهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ مَنْ فَعَلِ ذَلِكَ [1630]، وإنَّمَا فِيهِ العُقُوبةُ، يُعَاقِبُ السُّلْطَانُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عُقُوبَةً شَدِيدَة.
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: إِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ هَذا القَوْلَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ" (?)، فَلِذَلِكَ لَمْ يَرَ مَالِكٌ أَنْ يُقْتَلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنَ المُسْلِمِينَ.
* قالَ مَالِكٌ: وقَدْ يُقْتَلُ المُؤْمِنُ بالكَافِرِ إذا قَتَلَهُ قَتْلَ غِيلَةٍ أَو حَرَابَةٍ [3215].
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: الحِرَابَةُ هِيَ قَطْعُ الطَّرِيقِ، ومِنْهُ قِيلَ: قَوْمٌ حِرَابٌ إذا