اشْتَرطَ رَبُّ المَالِ على العَامِلِ شَيْئًا مِنْ هَذا ثُمَّ عَمِلَ العَامِلُ رُدَّ إلى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ، وكَانَ للعَامِلِ على رَبّ المَالِ قِيمَةُ مَا يَنَالُهُ قَائِمًا مُثَبَّتَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ.
قالَ عِيسَى: وكَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِرَبِّ المَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ على العَامِلِ أَنْ يَغْرِسَ لَهُ كَذَا وكَذَا نَخْلَةً يأْتِي العَامِلُ بالأُصُولِ مِنْ عِنْدِه، لأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ يَزْدَادَهَا رَبُّ المَالِ عَلَى العَامِلِ، فإنْ وَقَعَ مِثْلُ هَذا كَانَ للعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا سَقَى وعَالَجَ، وَيُرَدُّ إلى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ، ويُعْطَى قِيمَةُ غَرْسِهِ مَقْلُوعًا كَمَا جَاءَ بهِ يَوْمَ غَرْسِهِ، وتَنْفَسِخُ المُسَاقَاةِ بَيْنَهُمَا (?).
[قال] عَبْدُ الرَّحمنِ: المُسَاقَاةُ عِنْدَ مَالِكٍ جَائِزَةٌ في الأُصُولِ كُلِّهَا مِمَّا يَتَّصِلُ ثَمَرُهَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إلى آخِرِه، وكَذَلِكَ المقَاثِي، والوَرْدُ، واليَاسمِينُ، ولمَ تَجُز المَسَاقَاةِ في الجَوْزِ والقَصَبِ، لأَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، بِخِلَافِ سَائِرِ الأُصُولِ (?).
قالَ ابنُ مُزَيْنٍ: قالَ عِيسَى بنُ دِينَارٍ: تَفْسِيرُ مَعْرِفَةِ قِيمَةِ الأَرْضِ التِّي يَجُوزُ أَنْ تَدْخُلَ في مُسَاقَاةِ الأُصُولِ هُوَ: أَنْ يَكُونَ للرَّجُلِ حَائِطٌ يُنْفِقُ في مَؤُنَتِهِ كُلِّهَا مِائَةَ دِينَارٍ، وَيبِيعُ ثَمَرَتَهُ بِمِائَتِي دِينَارٍ، فَغَلَّتُهُ الآنَ مِائَةُ دِينَارٍ، فإنْ كَانَتْ قِيمَةُ كِرَاءِ الأَرْضِ خَمْسِينَ دِينَارًا فَأَدْنَى فَالمُسَاقَاةُ فِيهِ جَائِزَةٌ، وتَدْخُلُ الأَرْضُ في المُسَاقَاةِ حِينَئِذٍ، فإنْ كَانَتْ قِيمَةُ الأَرْضِ أَكْثَرَ مِنَ الثُلُثِ لمَ يَجُزْ أَنْ تَدْخُلَ في المُسَاقَاةِ، لأَنَّهُ يَدْخُلُ ذَلِكَ كِرَاءُ الأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وهَذا لا يَجُوزُ، وإذا كَانَتْ قِيمَةُ الأَرْضِ أَقَلَّ مِنَ الثُلُثِ كَانَتْ مُلْغَاةً في المُسَاقَاةِ (?).
* لَمْ يأْخُذْ ابنُ نَافِعٍ بِقَوْلِ مَالِكٍ في المُوطَّأ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ للعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ