الآخَرُ أَنْ يَأْكلَهَا ولَا يَبِيعُهَا، فَتقْتَسِمَانِهَا حِينَئِذٍ بالخَرْصِ (?).
ولَيْسَ العَمَلُ في المُسَاقَاةِ أَنْ تَكُونَ إلى غَيْرِ أَجَلٍ مَعْلُومٍ، كَمَا في ظَاهِرِ حَدِيثِ الزُّهْرِي، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ النبيَّ قالَ لِيَهُودِ خَيْبَرَ: "أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللهُ على أَن التَّمْرَ بَيْنَنَا وبَيْنكُمْ"، ولا تَكُونُ المُسَاقَاةِ إلَّا لأَجَلٍ مَعْلُومٍ، ويُكْرَهُ فِيهَا مَا طَالَ مِنَ السِّنِينٍ، ولا بَأْسَ بالعَشْرِ سِنِينَ فَدُونَها، وإنَّمَا فَعَلَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَنَّ اللهَ أَفَاءَهَا عَلَيْهِ بَغيْرِ قِتَالٍ، فَكَانَ أَهْلُهَا له كالعَبِيدِ الذين يَجُوزُ بينَ السَّيِّدِ وعَبْدِهِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْنَ الحُزيْنِ.
قالَ ابنُ سُحْنُونَ: المُسَاقَاةُ كَالإجَارَةِ، بِخِلَافِ القِرَاضِ، وتَلْزَمُ المُسَاقَاةِ بالتَعَاقُدِ بَيْنَ المُسَاقَيْنِ، والقِرَاضُ كَالجُعْلِ يَلْزَمُ إذا شَرَعَ العَامِلُ في العَمَلِ، فإذا انْعَقَدتِ المُسَاقَاةُ بَيْنَ المُسَاقَيْنِ ثُمَّ بَدَا لأَحَدِهِمَا فِيهَا قَبْلَ العَمَلِ لَزِمَتْهُمَا جَمِيعًا على حَسَبِ مَا عَقَدَاهَا (?).
* قالَ مَالِكٌ: في العَيْنِ تَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَيَنْقَطِعُ مَاؤُهَا، وذَكَرَ القِصَّةَ إلى آخِرِهَا [2599].
قالَ عَبْدُ الرَّحمَنِ: ذَكَرَ ابنُ عبدِ الحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ تَفْسِيرَهَا في كِتَابِهِ، فقالَ: مَنْ سَاقَى رَجُلًا حَائِطًا فَغَارَتِ البِئْرُ، فَأَرَادَ العَامِلُ أنْ يُنْفِقَ فِيهَا مِنْ مَالِهِ ويَكُونُ حَقُّهُ في ثَمَرةِ النَّخْلِ وتَكُونُ رَهْنًا في يَدَيْهِ حتَّى يَسْتَوفِي نَفَقَتَهُ فَذَلِكَ لَهُ، فإنْ بَقِيتْ عِنْدَهُ وأَبى صَاحِبُهَا أَنْ يَقْبضَهَا ويَدْفَعُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ النَّفَقَةِ في نَصِيبه مِنَ العَيْنِ فَبَاعَهَا الشَّرِيكُ فَلَمْ يَفِ ثَمَنَها بالنَّفَقَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا ما أَخْرَجَتِ الثَّمَرَةُ، ولَمْ يُتْبَعْ صَاحِبُهُ بِبقِيَّةِ النَّفَقَةِ، لأَنَّ العَامِلَ في المُسَاقَاةِ إنَّمَا يَعْمَلُ فِيهَا على أَنَّ لَهُ الزِّيَادَةَ وعَلَيْهِ النُقْصَانُ.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: لَا بَأْسَ بالبَيَاضِ القَلِيلِ في المُسَاقَاةِ أَنْ يَزْرَعَهُ العَامِلُ مِنْ