شَاءَ اللهُ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مَنْ تَعَدَّى على مَالِ غَيْرِهِ فَابْتَاعَ بهِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ مُلْكَهُ عَلَيْهِ إذا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَلِذَلِكَ تُبَاعُ هَذِه الجَارِيَةُ، وُيجْبَرُ المَالُ مِنْ ثَمَنِهَا (?).
وبِهَذا قَالَ أَصْبَغُ بنُ الفَرَجٍ، واحْتَجَّ. في ذَلِكَ بأَنْ قَالَ: إنَّ العَامِلَ لَمَّا اسْتَسْلَفَ المَالَ مِنَ القِرَاضِ الذي كَان بِيَدِه وابْتَاعَ بهِ جَارِيَةً لِنَفْسِهِ قَدْ صَارَ فَارًّا بالمَالِ عَنِ القِرَاضِ وأَرَادَ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ، فَلِذَلِكَ تُبَاعُ الجَارِيَةُ عَلَيْهِ إذا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَفَاءٌ بِقِيمَتِهَا.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: وإذا اشْتَرَى العَامِلُ جَارِيَةً للقِرَاضِ فتَعَدَّى عَلَيْهَا بَعْدَ شِرَائِهِ إيَّاهَا فَوَطِئَهَا وحَمَلَتْ، فانِّي أَرَى أَنْ تُبَاعَ إذا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، ويُتْبَعُ بِقِيمَةِ الوَلَدِ دَيْنًا عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ في مَالِ القِرَاضِ فَضْلٌ، فَيَكُونُ للعَامِلِ في الجَارِيةِ شَرِيكٌ بِقَدْرِ فَضْلِهِ، فَيَكُونُ بمَنْزِلَةِ مَنْ وَطِءَ جَارِيَةً بَيْنَهُ وبَيْنَ رَجُلٍ إنْ كَانَ مَلِيئًا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا كَانَ رَبُّ المَالِ بالخَيَارِ، إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنَ الجَارِيةِ قَدْرَ نَصِيبه مِنْهَا، ويَكُونُ لَهُ عَلَى الوَاطِءِ مِنْ قِيمَةِ الوَلَدِ قَدْرَ نَصِيبِهِ مِنَ الأُمِّ إنْ كَانَ لَهُ مِنْهَا النِّصْفَ، أو الثُّلُثَ، أو الرُّبُعَ، أَو أَكْثَرَ أَو أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، أُتْبِعَ الوَاطِى مِنْ قِيمَةِ الوَلَدِ بِقَدْرِ الحِصَّةِ التي تَصِيرُ لَهُ في الأُمِّ دَيْنَا عَلَيْهِ، وإنَّ أَحَبَّ رَبُّ المَالِ أَنْ يُبَاعَ لَهُ قَدْرُ نَصِيبه مِنْ تِلْكَ الجَارِيةِ بِيعَ، فإنْ نَقَصَ ثَمَنَها مِنْ قِيمَةِ نَصِيبِه مِنْهَا يَوْمَ وَطَئَهَا المُتَعَدَّي أَتْبَعَهُ رَبُّ المَالِ بِذَلِكَ النُّقْصَانِ، وبِقَدْرِ نَصِيبِه مِنْ قِيمَةِ الوَلَدِ دَيْنًا عَلَيْهِ في ذِمَّتِهِ (?).
قالَ ابنُ مُزَيْنٍ: أَحْسَنُ مَا في هَذِه المَسْأَلةِ أَنَّهُ مَنْ ضَمِنَ قِيمَةَ أَمَةٍ مِنْ شَرِيكٍ أو مُقَارِضٍ لِسَبَبِ وَطْئِهِ إيَّاهَا أَنَّهُ لَا شَيءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الوَلَدِ، ولَا يَجْتَمعُ عَلَيْهِ تَضْمِينُ الأُمِّ وقِيمَةُ الوَلَدِ، وقَالَهُ أَشْهَبُ، وابنُ نَافِعٍ (?).