[قالَ] عبدُ الرَّحمنِ: أَخَذَ قُوْمٌ مِنْ أَهْلِ الأَمْصَارِ بِظَاهِرِ هَذا الحَدِيثِ وأَوْجَبُوا الشُّفْعَةَ للجَارِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ الصَّقَبَ القُرْبَ، ولَيْسَ هَذا الحَدِيثُ بِمُخَالِفٍ للأَوَّلِ، إذ جَائِزٌ أَنْ يُقَالَ للشَرِيكِ في المَالِ جَارٌ، وَهُوَ أَصْقَبُ الجِيرَانِ، فَيَكُونُ مَعْنَى الحَدِيثَيْنِ وَاحِدًا، فَلَا تَكُونُ الشُّفْعَةُ إلَّا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِيمَا لَمْ يَقْسِمُوهُ مِنَ الرِّبَاعِ والأَرَضِينَ، وبِهَذا قَالَ ابنُ المُسَيَّبِ، وسَلُيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وأَهْلُ المَدِينَةِ، وبِهِ قَالَ مَالِكٌ.
* [قالَ، عبدُ الرَّحمنِ: وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ في الشَّفِيعِ والمُشْتَرِي يَخْتَلِفَانِ في قِيمَةِ ثَمَنِ الشَّقْصِ إذا اشْتَرَى بِعِوَضٍ فَقَالَ بِخِلاَفِ المُشْتَرِي فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنَ القِيمَةِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ المُشْتَرِي هَهُنَا مُدَّعَى عَلَيْهِ، وكُلُّ مُدَّعَى عَلَيْهِ إذا لَمْ يُثْبتْ المُدَّعِي دَعْوَاهُ أَنَّ اليَمِينَ تَجِبُ على المُدَّعَى عَلَيْهِ [2636].
قالَ عِيسَى بنُ دِينَارٍ: مَنْ طَلَبَ شُفْعَةً فِيمَا قَدْ بِيعَ بِثَمَنٍ إلى أَجَلٍ ولَمْ يَكُنْ مَلِيئًا ولَمْ يَجِدْ مَنْ يَتَحَمَّلُ لَهُ بالمَالِ إلى الأَجَلِ الذي بِيعَ إليهِ الشَّقْصُ الذي طَلَبَ فِيهِ الشُّفْعَةَ، فأَسْقَطَ عِنْدَ ذَلِكَ السُّلْطَانُ شُفْعَتَهُ، ثُمَّ أَيْسَرَ بالمَالِ قَبْلَ الأَجَلِ الذي بِيعَ إليهِ ذَلِكَ الشَّقْصُ أَنَّهُ لا شُفْعَةَ لَهُ فِيهِ، لأَنَّ السُّلْطَانَ قَدْ أَبْطَلَها، وإنْ لَمْ يُرْفَعْ ذَلِكَ إلى السُّلْطَانِ وكَانَ أَجَلُ بَيع ذَلِكَ الشَّقْصِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فالشُّفْعَةُ للشَّفِيعِ ثَابِتَةٌ إلى انْقِضَاءِ السَّنَةِ، وإنْ كَانَ حَاضِرًا.
قالَ: ولَا تَقْطَعُ شُفْعَةُ الغَائِبِ غَيْبَتَهُ وإنْ طَالَتْ (?).
قالَ ابنُ القَاسِمِ: مَنِ ابْتَاعَ مَا فِيهِ شُفْعَةً لِغَائِبٍ رُفِعَ أَمْرُهُ إلى السُّلْطَانِ فَكَتَبَ لَهُ إلى قَاضِي البَلَدِ الذي فِيهِ الشَّفِيعُ، فَيُوقِفُ القَاضِي ذَلِكَ الشَّفِيعُ على الأَخْذِ أَو التَّرْكِ، فإنْ تَرَكَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: ولَمْ يَحِدَّ لَنا مَالِكٌ في قُرْبِ البَلَدِ حَدًّا.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: وقَدْ يَكُونُ الضَّعِيفُ والمَرْأَةُ على مَيْسَرَةِ يَوْمٍ أَو أَقَلَّ فَلَا