قالَ ابنُ وَهْب: الأُسَيْفعُ هُوَ تَصْغِيرُ أَسْفَعَ، وَهُوَ الأَسْوَدُ، وكَانَ رَجُلًا يُشَاهِدُ مَوَاسِمَ الحَجِّ، ثم يَشْتَرِي الرَّوَاحِلَ الشَرِيعَةَ السَّيْرِ بأَعْلَى الثمَنِ، ثم يُسْرِعُ السَّيْرَ إلى المَدِينَه لِيُقَالَ: صَبَىَ فُلاَنٌ الحَاجَّ، وهَذَا فِعْلُ أَهْلِ الرِّيَاءِ الذينَ لا يُرِيدُونَ بأَعمَالِهِمْ وَجْهَ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى، فَلَا تُزَكُوا أَعْمَالَكُم عَنْدَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
وَقَوْلُهُ: (قدْ رِينَ بهِ)، يَعْنِي: قَدْ شُهِرَ بِهِ وأَحَاطَ بهِ الدَّيْنُ.
(فَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ)، يَعْنِي: دَيْنًا ثَابِتًا بالبَيِّنَةِ.
(فَلْيَأْتِنَا نُقسِمُ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ)، وهَذا حُكْمُ المُفْلِسِ يَكونُ غُرَمَاؤُهُ أُسْوَةٌ في مَالِهِ على قَدْرِ مَا لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ: (وإيَّاكمْ والدَّينَ، فإن أَوَّلَهُ هَمٌّ، وآخِرَه حَرْبٌ)، يَعنِي: الدَّيْنَ الذي يُسْتَدَانُ في سَفَهٍ، وأَمَّا مَا يُسْتَدَانُ في طَاعَةِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فاللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى يُعِينُ على أَدَائِهِ.
* * *
تَمَّ كِتَابُ الأَقْضِيَةِ بِحَمدِ اللهِ وعَوْنه، وصلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ، وعلى آلهِ وَسَلَّمَ.
يَتْلُوهُ كِتَابُ الشُّفْعَةِ بِحَوْلِ اللهِ تَعَالَى