قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إنَّمَا حَضَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على الوَصِيَّةِ لِكَيْ يَتَبَرَّأَ الإنْسَانُ مِنْ تَبِاعَاتٍ عَلَيْهِ، ولِكَي يُقَدِّمُ مِنْ مَالِهِ مَا يَرْجُو نَفْعَهُ وبَرَكَتَهُ في آخِرَتهِ.

وقَالَ الزُّهْرِيُّ: (جَعَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- الوَصِيَّةَ حَقًّا مِمَّا قَلَّ مِنَ المَالِ أَو كَثُرَ) (?)، وبهَذا قَالَ ابنُ عُمَرَ في حَدِيثِهِ الذي رَوَاهُ مَالِكٌ في المُوطَّأ (?).

* بَيَانٌ بِنَسْخِ الوَصِيَّةِ وتَبْدِيلِهَا بِغَيْرِهَا لِقَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتَهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبةً" [2817]، فَدَلَّ هَذا الحَدِيثُ على الأَمْرِ بالوَصيَّةِ فِيمَا قَلَّ أَو كَثُرَ مِنَ المَالِ، وعَلَى جَوَازِ نَسْخِهَا بِغَيْرِهَا إنْ شَاءَ ذَلِكَ صَاحِبُهَا.

قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: مَعْنَى قَوْلِ الرجل: دَبَّرْتُ عَبْدِي، أَيْ أَنْفَذْتُ عِتْقَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي إذا وَلَّيْتُ الدُّنيا ظَهْرِي بِخُرُوجِي مِنْهَا مَيِّتًا، فَلِهَذا لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ في التَّدْبِيرِ.

* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: أَجَازَ عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَصِيَّةَ مَنْ لَمْ يَبْلُغِ الحُلُمَ [2820]، وعَلَيْهِ العَمَلُ بالمَدِينَةِ، وأُجِيزَتْ وَصِيَّةُ السَّفِيهِ لأَنَّهَا إنَّمَا تُنْفَذُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتهِ في وَقْتٍ لا يُخْشَى عَلَيْهِ تَلَفُ مَالِهِ، وأَنَّهُ يُؤْجَرُ فِيهَا كَمَا يُؤْجَرُ غَيْرُهُ.

* حَدِيثُ سَعْدِ بنِ أَبي وَقاصٍ [2824] مِنَ الفِقْهِ: فَضْلُ عِيَادَةِ المَرْضَى، وكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يعُودُ المَرْضَى، ويُوَاصِلُ أَصْحَابَهُ بِنَفْسِهِ، وهَذا مِنْ مَكَارِمِ الأَخْلاَقِ، وفِيهِ بَيَانُ أَنَّ يَدَ المُتَصَدِّقِ خَيْرٌ مِنْ يَدِ المُتَصدِّقِ عَلَيْهِ، وأنَّ الإسْتِغْنَاءَ عَنِ النَّاسِ خَيْر مِنَ الحَاجَةِ إليهِم، وفِيهِ أنَّ الرَّجُلَ يُؤْجَرُ في نَفَقَتِهِ على عِيَالِهِ إذا أَنْفَقَ عَلَيْهِم مِنْ حَلاَلٍ، وأَجْمَلَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى ذِكْرَ الوَصِيَّةَ في كِتَابهِ، فَقَالَ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015