المَرْأةُ وَهِيَ حَائِضٌ إذا وُطِئَت، فَكَذَلِكَ تَحِيضُ وَهِيَ حَامِلٌ.
وفِي هَذِه القِصَّةِ أيضًا مِنَ الفِقْهِ: طَرْحُ العُقُوبةِ عَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأةً في عِدَّتِهَا إذا لَمْ يَقْصِدْ بِتَزوِيجِهِ إيَّاهَا في العِدَّةِ مُخَالَفَةَ مَا نَهَى الله -عَزَّ وَجَلَّ- عَنْهُ بِقَوْلهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235]، يَعْنِي: حتَّى تنقَضِي عِدَّةُ المُعْتَدةِ، وذَلِكَ أَن هَذِه المَرْأةَ تَزَوَّجَتْ في عِدَّتِهَا، فَحَكَمَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عَنْهُ بِفَسْخِ نِكَاحِهَا، وهَذا أَصْل في أَنَ النكَاحَ الفَاسدَ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ، وُيفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وبَعْدَ الدُّخُولِ، وهَذا إذا كَان الفَسَادُ في العَقْدِ، وأَمَّا إذا كَانَ الفَسَادُ مِنْ جِهَةِ الصَّدَاقِ فإنه يُفْسَخُ قَبْلَ البِنَاءِ، وَيثْبُتُ بعدَ البنَاءِ، ويَكُونُ للزَّوْجَةِ فِيهِ صُدَاقُ مِثلِهَا على زَوْجِهَا، وفِي مِثْلِ هَذِه القِصَّةِ لا يُلحَقُ الوُلَدُ بِمَن وُلدَ في عَصَبَتِهِ أقلَّ مِنْ سِتةِ أَشْهُرٍ، وفِيهَا أيضًا أَنَ أُمُورَ النسَاءِ يُرْجَعُ فِيهَا إلى قَوْلِ النِّسَاءِ العَارِفَاتِ بأُمُورِهِن فِيمَا لَا يَطلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ مِنْ أُمُورِ النِّسَاءِ، وهَذَا أَصْلٌ في الرَّدِّ عِندَ الحُكمِ إلى أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ.
* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: قَوْلُ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ: (أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ كَانَ يُلِيطُ أَوْلاَدَ الجَاهِليَّهَ بِمَن ادَّعَاهُمْ في الإسْلَامِ) [2738].
قالَ عِيسَى بنُ دِينَارٍ: كَانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - يُلْصِقُ أَوْلاَدَ الجَاهِلِيهَ بِمَن ادَّعَاهُم في الإسْلَامِ إذا كَانُوا لِزَنيَّةَ.
قالَ: وكَذَلِكَ الحُكمُ اليومَ فِيمَن أَسْلَمَ مِنَ المُشْرِكِينَ فَادَّعَا وَلَدًا لِزَنيَّةٍ كَانَ قَد زَنَى بامْرَأَةٍ مُشرِكَةٍ فَأتَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ في الإسْلَامِ، فإنه يُلْصَقُ بهِ وَيكُونُ ابنَهُ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيهِ مَعَهُ سيِّدُ أَمَةٍ، أو زَوْجُ حُرَّةٍ، فَيَكُونُ أَوْلَى بهِ.
قالَ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ: (فأتَى رَجُلاَنِ كلاَهُمَا يَدَّعِي وَلدَ امْرَأةٍ، فَدَعَا عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَائِفَاً فَنَظَرَ إليهِمَا)، وذَكَرَ القِصَّةَ إلى آخِرِهَا، ومَعْنَاهَا: أَن رَجُلَيْنِ ادَّعَيا وَلَدًا وُلِدَ في الجَاهِليَّةِ، وَوَطِءَ الآخَرُ في إثْرِ الأَوَّلِ، فَالحُكْمُ في مِثلِ هَذا أَنْ