* قالَ عِيسَى بنُ دِينَارٍ: قالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ الزِّنَا في الجَاهِليةِ ظَاهِرًا، وكُنَّ الزَّوَانِي لَهُنَّ رَايَاتٍ يَنْصِبْنَهَا في دُورِهِنَّ، فَمَنْ أَرَادَ الزَّانِيَةَ أتاهَا فَزَنَى بِهَا، فَيَأْتِيهَا هَذا، وَيأْتِيهَا هَذا، فإذا وَلَدَتِ الزَّانِيَةُ وَلَدًا ألصَقَتْهُ بِمَنْ شَاءَتْ مِنْ أُولَئِكَ الذينَ زَنَوا بِهَا، فَنَسَبتْ إليهِ وَيكُونُ ابْنَهُ، فَلَمَّا جَاءَ الإسْلاَمُ قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ عَاهَرَ بامْرَأةٍ لَا يَمْلِكَها، أَو بِحُرَّة لَا يَمْلِكَهَا فَالْوَلَدُ وَلَدُ زِنَا، لَا يَرِثُ ولَا يُورَثُ" (?)، وصَارَ الوَلَدُ لِصَاحِبِ الفِرَاشِ إذا ادَّعَاهُ، وذَلِكَ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "الوَلَدُ للفِرَاشِ وللَعَاهِرِ الحَجَرُ" [2736]، أَي: لَا شَيءَ للزَّانِي في الوَلَدِ إذا ادَّعَاهُ صَاحِبُ الفِرَاشِ، وَهُوَ السَّيِّدُ، أَو الزَّوْجُ.
قالَ: وهَذِه كَلِمَةٌ تَقُولُهَا العَرَبُ لِمَنْ طَلَبَ شَيْئَاً لَيْسَ هُوَ لَهُ، تَقُولُ: بِفِيكَ الحَجَرُ.
وقالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الفُقَهَاءِ: إنَّمَا قَضَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالوَلَدِ للفِرَاشِ مِنْ أَجْلِ ابنِ نُوح - عَلَيْهِ السَّلامُ -، وذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ التَّفْسِيرِ اخْتَلَفُوا في قَوْلهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: 46]، فَرُويَ عَنِ الحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ ابنُ نُوحٍ مِنْ صُلْبِ نُوحٍ (?).