بابٌ في شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ، واليَمِينِ على المِنْبَرِ،
والرَّهَنِ، والكِرَاءِ
قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: أَجَازَ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ مُعَاوِيةُ بنُ أَبي سُفْيَانَ، وعَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، وعَطَاءٌ، والحَسَنُ، والنَّخَعَيُّ، وجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ.
وسُئِلَ عَنْهَا ابنُ عبَّاسٍ، فقالَ: قالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282].
وقالَ ابنُ أَبي مُلَيْكَةَ: فَمَا رَأَيْتُ القُضَاةَ أَخَذُوا فِيهَا إلَّا بِقَوْلِ ابنِ الزُّبَيْرِ (?)، فإنَّمَا جَازَتْ شَهَادَتُهُم لِحَالِ الضَّرُورَةِ، كَشَهَادةِ النِّسَاءِ في الإسْتِهْلاَلِ، وفي أُمُورِ النِّسَاءِ، وقَدْ جَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - العِفَاص، والوِكَاءَ دَلِيلًا على اللُّقَطَةِ، فَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ أُجِيزَتْ لِحَالِ الضَّرُورَةِ، ولِعَدَمِ مَنْ يَحْضُرُهمْ مِنَ الرِّجَالِ، إذا انْفَرَدُوا بأَنْفُسِهِم لا يَحْضُرُهمْ فِيهَا الرِّجَالُ، وإنَّمَا أُجِيزَتْ شَهادَتُهُم لِحَفْظِ الدِّمَاءِ.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: فإذا شَهِدَ صَبِيَّانِ على صَبِيٍّ أَنَّهُ جَرَحَ صَبِيًّا، أو قَتَلَهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، ولَا تُبَالِي كَانَ الشَّاهِدَانِ مَعَ الجَارِحِ والمَجْرُوحِ في جَمَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، أو كَانُوا في جَمَاعَةٍ أُخْرَى، ولا تَجُوزُ شَهَادَتُهُم لِصَغِيرٍ على كَبِيرٍ، أَو لِكَبِيرٍ على صَغِيرٍ، وإنَّمَا تَجُوزُ فِيمَا بَيْنَهُم، خَاصَّةً إذا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا، أو يُتَخَبَّبُوا (?)، ويَشْهَدُ على شَهَادَتِهِم العُدُولُ.