* قالَ أَحمَدُ: وذَهبَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ المَوْتَ والفَلَسَ سَوَاءٌ، وأنَّ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ أَنْ يَأْخُذَها في المَوْتِ، كَمَا يَأْخُذَها في الفَلَسِ، واحتَجَّ في ذَلِكَ بِمَا [رَوَاهُ] (?) ابنُ أَبي ذِئْبٍ، عَنْ أَبي المُعتَمِرِ، عَنْ عُمَرَ بنِ خَلْدَةَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ مَاتَ أَو أَفْلَسَ فَوَجَدَ رَجُلٌ مَتَاعَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ" (?).
قالَ أَحمَدُ: ولَيْسَ يُعَارِضُ حَدِيثُ الزّهْرِيِّ بِحَدِيثِ أَبي المُعتَمِرِ الذي لم يَروِهِ إلَّا ابنُ أَبي ذَئْبٍ، وقالَ النَّسَائِيُّ أحمدُ بنُ شُعَيْبٍ: ابنُ أَبي ذِئْبٍ رَجُلٌ ضَعِيفٌ (?).
قالَ أَحمَدُ بنُ خَالِدٍ: والمُفْلِسُ في النَّظَرِ يُفَارِقُ المَيِّتَ، لأَنَّ المُفْلِسَ تَبْقَى ذِمَّتُهُ لِسَائِرِ غُرَمَائِهِ، والمَيّتُ لا تَبْقَى لَهُ ذِمَّةٌ بعدَ مَوْتهِ، فَلِهذا افْتَرَقَ حُكْمَهُمَا في الحَيَاةِ والمَمَاتِ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إذا اشْتَرَى المُفْلِسُ بُقْعَةً بِدَيْنٍ، ثُمَّ بَنَاها، فَطَلبَ رَبُّهَا ثَمَنَهَا، أَنَّها تُقَوَّمُ البُقْعَةُ، ويَقُوَّمُ البُنْيَانُ، والخِيَارُ في هذه المَسْأَلةِ للغُرَمَاءِ، إنْ أَحَبُّوا أَنْ يَدفَعُوا إلى صَاحِبِ البُقْعَةِ ثَمَنَ بُقْعَتِهِ ويأْخُذُونَها لأَنْفُسِهِم كَانَ ذَلِكَ لَهُم، وإلَّا قُوّمَ البُنْيَانُ قَائِمَاً، فَيُعْرَفُ مَا قِيمَةُ الدَّارِ، ثُمَّ يُقَالُ: مَا قِيمَةُ البُقْعَةِ بَرَاحَاً بِلا بِنَاءٍ؟ فَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ لِصَاحِبِ البُقْعَةِ قِيمَةُ بُقْعَتِهِ، ويَكُونُ للغُرَمَاءِ قِيمَةُ البُنْيَانِ، يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُم على قَدْرِ دِيُوبهِم، وإنَّمَا أَخَذَ صَاحِبُ البُقْعَةِ جَمِيعَ ثَمَنِهِ لأَنَّهُ وَجَدَ سِلْعَتَهُ قَائِمَةً بِعَينها، فَكَانَ أَحَقَّ بِها مِنْ سَائِرِ الغُرَمَاءِ.
* * *