البيع على الخِيَارِ، والدَّيْنُ في الرِّبَا،
وجَامِعُ الدَّيْن والحَوْلِ
* قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ في حَدِيثِ "المُتَبايِعَانِ بالخِيارِ" حَدِّ لِوَقِتِ الإفْتِرَاقِ يَنْتَهِيانِ إليهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُفَرَّقَ بينَ عَقْدِ البَيْع وسَائِرِ العُقُودِ التي تَلْزَمُ باللَّفْظِ دُونَ التَّفَرُّقِ، كَمَا قالَ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130]، وهذا افْتِرَاق بالكَلاَمِ، وشَيءٌ اخرُ أَنَّ المُتَسَاوِمَيْنَ يَقَعُ عَلَيْهِما اسْمُ المُتَبَايِعَيْنِ، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبعْ بَعضُكُم على بَيْعِ بَعضِ"، فَسَمَّى المُسَاوَمَةَ بَيْعَاً، فَيَكُونُ مَعنَى الحَدِيثِ: المُتَسَاوِمَيْنِ بالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفرَّقَا على عَقْدِ بَيْعٍ، فإذا انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا البَيْعُ لَزِمَهُمَا، وقَد اخْتُلِفَ في حَدِيثِ: "المُتبُايِعَيْنِ بالخِيَار" فَفِي بَعضِ الرِّوَاياتِ أَنَّ القَوْلَ قَوْلُ البَائِعِ، أَو يَتَرَادَّانِ، وفِي حَدِيثِ آخَرَ: إذا اخْتَلَفَ المُتَبَايِعَانِ في ثَمَنِ السلْعَةِ أُحِلَفَ البَائِعُ.
* قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: فَلَو كَانَ الخِيَارُ لَهُمَا لم يَكُنْ بَيْنَهُمَا يَمِينٌ، وكَانَ لِمَن شَاءَ مِنْهُمَا الرَّدُّ دُونَ الإخْتِلاَفُ في الثَّمَنِ، والصَّرفُ بَيع ولا خِيَارٌ فِيهِ، لِقَوْلهِ - عليهِ السَّلاَمُ -: "الذَّهبُ بالوَرِقِ رِبا، إلَّا هَاءَ وَهَاءَ"
قالَ ابنُ القَاسِمِ: فَالْعَمَلُ عِنْدَنا في البَيْعِ أَنهُ يَنْعَقِدُ باللَّفْظِ، وقَد قالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: (البَيْعُ يَنْعَقِدُ باللَّفْظِ) (?)، فهذا كُلّهُ يَدُكُ على أَنَّهُ إذا انْعَقَدَ البَيْعُ أنْ لَا خِيَارَ فِيهِ لأَحَدٍ.