مَعلُوم وقَبَضَها المُشْتَرِي ثُم سَألَ البَائِعُ مِنْهُ أَن يُقِيلَهُ فِيها فَأَبَى، وقالَ لَهُ: بعها ولَا نقصَان عَلَيْكَ، فهذا لا بَأْسَ بهِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ المُخَاطَرَةِ، وإنَّمَا هذا شَيءٌ وُضِعَ لَهُ بَعدَ البَيْعِ، ويَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْتَاطَ في بَيْعِبها بأَبْلَغَ طَاقَتِهِ، فإنْ بَاعَها به. قَلَّ مِنْ ثَمَنها بالشيءِ اليَسِيرِ لَزِمَ ذَلِكَ رَبها، لأَنَّهُ ائتمَنَهُ على ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَبيعها بِمَا يُسْتَنكَرُ [منهُ] (?) فَيَلْزَمُهُ غُرِمَ مَا قَصَّرَ بهِ عَنْ ثَمَنها، لأَنَّهُ مُتَعَدٍّ في ذَلِكَ.
* فَسَّرَ مَالِكٌ في المُوَطَا حَدِيثَ المُلاَمَسَةِ والمُنَابَذَةِ.
ثُمَّ قَالَ في الثَّوْبِ المُدْرَجِ في طَيِّهِ، والسَّاجِ المُدْرَجِ في جِرَابهِ أَنَّهُمَا لَا يُبَاعَا حتَّى يُنْشَرَ، أَو يُنْظَرَ إلى مَا فِي أَجْوَافِهِما، فَبهذا لَمْ يَشْتَرِ المُشْتَرِي ذَلِكَ فَقَد دَخَلَ على غَرَرٍ واشْتَرَى مَا لَا يَدرِي، وهذا خِلاَفُ مَا يُبَاعُ على البَرْنَامجِ، لأَنَّ بَيْعَ البَرْنَامجِ (?) بَيْع على صِفَةٍ، والبَيع على الصِّفَةِ جَائِزٌ، وبَيع المُلاَمَسَةِ بَيع غيْرُ مَوْصُوفٍ ولَا مَرئي، فَصَارَ مِنْ بَيغ الغَرَرِ، فَهذا يُفْسَخُ إذا وَقَعَ مَا لَم يَفِتْ، فإنْ فَاتَ فَفَيِه القِيمَةُ.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: لا يحسِبُ البَائِعُ في رَأْسِ مَالِهِ في بَيع المُرَابَحَةِ نَفَقَتَهُ على نَفْسِهِ في سَفَرة، كَان المَالُ لَهُ، أَو أَخَذَهُ قِرَاضَاً، ولا يَحسَبُ جُعْلُ السِّمسَارِ، ولَا أَجْرَ الشَّدِّ، ولَا الطَّيَّ، ولَا كِرَاءَ بَيْتٍ يَسْكُنُهُ، فأَمَّا كِرَاءُ الحُمُولَةِ والنَّفَقَةِ على الرَّقِيقِ فينَّهُ يُحسَبُ في أَصلِ المَالِ، ولَا يُحسَبُ لَهُ رِبْحٌ إلَّا أَنْ يُربِحُوهُ في ذَلِكَ كُلِّهِ بعدَ العِلْمِ بهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فاَمَّا القِصَارَةُ، والصُّبْغُ، والخِيَاطَةُ فينَّهُ يُحسَبُ ذَلِكَ في أَصلِ الثَّمَنِ ويُضْرِبُ عَلَيْهِ الرّبْحَ، لأَنَّهُ زِيَادَة في الثِّيَابِ، وعَيْنٌ قَائِمَةٌ فِيها.