وقالَ يَحيىَ بنُ سَعِيدٍ الأَنْصَاريُّ: (لَا جَائِحَةَ في الثِّمَارِ فِيمَا دُونَ ثُلُثِ رَأْسِ مَالِ المُشْتَرِي في سُنَّةِ المُسْلِمِينَ) (?).
فإذا كَانَ المُجَاحُ قَدرَ الثُّلُثِ مِنَ الجَمِيعِ فَمَا فَوْقَهُ رَجَعَ المُشْتَرِي بِمَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنَ الثَّمَنِ، فالنَّارُ جَائِحَةٌ، والجَيْشُ المَارُّ على الثِّمَارِ فَيَنتهِبُونَها جَائِحَةٌ، والطَّيْرُ الغَالِبُ المُفْسِدُ للتِّينِ جَائِحَة، وسُمُومُ الحَرِّ إذا أَفْسَدَ التِّينِ وأَسْقَطَ وَرَقَهُ جَائِحَة، يُرجَعُ بِهذا كُلِّه على البَائِعِ إذا كَانَ المُجَاحُ الثُّلُثُ مِنَ الجَمِيعِ فَمَا زَادَ، وإذا كَانَتِ الجَائِحَةُ مِنْ قِبَلِ المَاءِ رَجَعَ بِها المُشْتَرِي على البَائِعِ فِيمَا قَلَّ أَو كَثُرَ، لأَنَّ المُشْتَرِي إنَّما اشْتَرَى المَاءَ المَعلُومَ، فإذا نَقَصَهُ شَيءٌ مِمَّا اشْتَرَى وَجَبَ لَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ مَا نَقَصَهُ، وفي الثِّمَارِ إنَّما يَدخُلُ على أنَّهُ يُسْقِطُ بَغضَهُ، فإذا سَقَطَ مِنْهُ اليَسِيرُ لم يَرجِع بهِ، إلَّا أَنْ يَسْقُطَ مِنْهُ الكَثيرُ، وَهُو الثُّلُثُ فَمَا فَوْقَ، فَحِينَئِذٍ يَرجِعُ بهِ، والحُكْمُ في جَائِحَةِ البقْلِ كَالحُكْمِ في جَائِحَةِ المَاءِ سَوَاءٌ (?).
* * *