بابُ الحَكَمَيْنِ، إلى آخِرِ بَابِ الطَّلَاقِ.

قالَ عِيسَى: لَو أَنَّ رَجُلًا وامْرَأتهِ اشْتَكَيَا إلى السُّلْطَانِ، وكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّ صَاحِبَهُ مُضِرٌّ بهِ فلَمْ يَتَبَيَّنْ للسُّلْطَانِ مَنِ النَّاشِزِ مَنْهُمَا، والنَّاشِزُ مِنْهُمَا هُوَ المُبْغِضُ المُسِيءُ الصُّحْبَةِ لِصَاحِبهِ، فإذا جُهِلَ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمَا وَجَبَ على السُّلْطَانِ أَنْ يَبْعَثَ رَجُلًا صَالِحَاً مِنْ أَهْلِ الزَّوْجَةِ، وآخَرَ مِنْ أَهْلِ الزَّوْجِ، فَيُحَكِّمُهُما بَيْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ وامْرَأَتهِ، ويُفَوِّضُ إليهِما أَمْرَهُمَا، فَمَا رَأَيا مِنْ فرْقَةٍ بَيْنَهُمَا أو اجْتِمَاعٍ أَنْفَذَاهُ بَيْنَهُمَا، وَينْبَغِي للحَكَمَيْنِ أَنْ يَسْأَلاَ أَهْلَ المَعْرِفَةِ بِهِما، ويَكْشِفَانِ عَنْ أُمُورِهِما، فإذا بَلَغَا في الكَشْفِ عَنْهُمَا أَكْثَرَ مَا يَسْتَطِيعَانِ مِنْ ذَلِكَ حَكَمَا بَيْنَهُمَا ولَزِمَهُمَا ذَلِكَ، وإنْ رَأَيَا أنْ يُفَرَّقَا بَيْنَهُمَا على أَلاَّ يَأخُذَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبهِ شَيْئًا فَعَلاَهُ، وإنْ رَأَيا أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنَ المَرْأَةِ شَيْئَاً ويُطَلِّقَاهَا عَلَيْهِ فَعَلاَ، وإنْ رَأَيَا أَنْ يُقِرَّاهُمَا على نِكَاحِهِما فَعَلاَ، فإنْ رَأَيَا أَنْ يُطَلِّقَاهَا عَلَيْهِ بِوَاحِدَةٍ فَعَلاَ، ولَا يُطَلِّقَاهَا عَلَيْهِ بأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ في قَوْلِ ابنِ القَاسِمِ.

وقالَ أَشْهَبُ: مَا طَلَّقَا بهِ مِنْ وَاحِدَةٍ أَو ثَلاَثٍ لَزِمَ الزَّوْجَ.

قالَ أَبو المُطَرِّفِ: وذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بنِ لُبَابَةَ (?) أنَّهُ كَانَ إذا ذُكِرَ لَهُ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذا شَكَا بَعْضَهُمَا بَعْضَا إلى الحَكَمِ أَنَّهُ يَنْبَغِي للحَكَمِ أنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُمَا أَمِينًا، أو في دَارٍ أَمِينٍ، وُيخْبِرُ الأَمِينُ الحَكَمَ بِمَا يَبْدُو لَهُ مِنْ أُمُورِهَما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015