لا تُوطَأُ إلَّا بزِنَا، ثُمَّ اسْتَثْنَى اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى مِنْ ذَوَاتِ الأَزْوَاجِ السَّبَايَا، فقَالَ: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24].
قالَ ابنُ القَاسِمِ: هُنَّ السَّبَايَا ذَوَاتِ الأَزْوَاجِ بأَرْضهِنَّ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُوطَئْنَ إذا سُبَيْنَ بَعْدَ الإسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ، أَو مَوْضِعِ حَمْلٍ إنْ كَانَتْ حَامِلًا، أَو ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ في الصَّغِيرَةِ أو اليَائِسَةِ مِنَ المَحِيضِ، لأَنَّ السَّبْيَ يَهْدِمُ النِّكَاحَ.
قالَ عِيسَى: والإحْصَانُ ثَلاَثَةٌ: إحْصَانُ نِكَاحٍ، وإحْصَانُ عَفَافٍ، وإحْصَانُ إسْلاَمٍ.
[قالَ أَبو المُطَرِّفِ]: فَإحْصَانُ النِّكَاحِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 24]، وإحْصَانُ العَفَافِ قَوْلُهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النساء: 25]، وإحْصَانُ الإسْلاَمِ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25].
* قالَ أَبو عُبَيْدِ: طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ في حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ" [1993]، وذَكَرَ الحَدِيثَ، وقَالَ: إنَّمَا رَخصَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في المُتْعَةِ في عُمْرَةِ القَضِيَّةِ بِمَكَّةَ، وكَانَتْ عُمْرَةُ القَضِيَّةِ بَعْدَ خَيْبَرَ بِعَامٍ.
قالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَوَجْهُ الحَدِيثِ عِنْدَنَا: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ المُتْعَةِ"، فَهَذَا كَلاَمٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: "ونَهَى عَنِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ بِخَيْبَرَ".
قالَ أبو عُبَيْدٍ: وقَدْ حدَّثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: "لَمَّا قَدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ في عُمْرَتِهِ تَزَيَّنَ نِسَاءُ أَهْلِ مَكَّةَ، فَشَكَى ذَلِكَ أَصْحَابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إليه، فَقَالَ لَهُم: تَمَتَّعُوا مِنْهُنَّ واجْعَلُوا بَيْنَكُم الأَجْلَ بَيْنَكُم وبَيْنَهَا ثَلاَثًا، فَمَا أَحْسَبُ رَجُلًا مِنْكُم يَسْتَمِكُنُ مِنْ امْرَأَةٍ ثَلاَثًا إلَّا وَلأَها الدُّبُرِ، قالَ الحَسَنُ: فَإنَّمَا كَانَتِ المُتَعَةِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ ولَا بَعْدَهُ" (?).