فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: "نَذَرَ أَنْ يَقُومَ ولَا يَقْعُدَ ولا يَسْتَظِل ولَا يَتكلَّمَ ويَصُومَ، فقالَ: مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ ويَجْلِسْ ويَسْتَظِلَّ ولَيُتِمَّ صَوْمَهُ" [1723]، فَأَمَرَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِطَرْحِ المَشَقَّةِ عَنْ نَفْسِهِ التِّي لَيْسَتْ بِطَاعَةٍ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وأَنْ يَفِي بِمَا فيهِ للهِ طَاعَةٌ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِكَفارَةْ، وهذَا كُلُّهُ مِمَّا يُضْعِفُ حَدِيثَ سُلَيْمَانَ بنِ أَرْقَمَ في إيجَابِ الكَفَّارَةِ في نَذْرِ المَعْصِيَةِ.
[قالَ أبو المُطَرِّفِ]: قَوْلُ عَائِشَةَ: (لَغْوُ اليَمِينِ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ في كَلَامِهِ: لَا وَاللهِ، وبَلَا وَاللهِ) [1729]، تَعْنِي: الذِي يَلْفِظُ بهَذا في دَرَجِ كَلَامهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَقِدَ الحِلْفَ باللهِ، وهذَا مَوْقُوفٌ على عَائِشَةَ في المُوطَّأ، ورَوَاهُ أَبو دَاوُدَ، عَنْ [حُمَيْدِ] (?) بنِ مَسْعَدةَ، عَنْ حَسَّانَ بنِ إبْرَاهِيمَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "اللَّغْوُ هُوَ كَلَامُ الرَّجُلِ في بَيْتِهِ: كَلَّا واللهِ، وبَلَا وَاللهِ" (?).
ورَوَى هذَا الحَدِيثَ دَاوُدُ بنُ أَبي الفُرَاتِ، مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ مَوْقُوفًا على عَائِشَةَ، لَمْ يُذْكَرْ فيهِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (?)، فَاخْتَلَفَتْ رِوَايةُ إبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ فيهِ، مَرَّةً أَوْقَفَهُ على عَائِشَةَ وجَعَلَهُ مِنْ قَوْلهَا، ومَرَّة حَدَّثَ بهِ عَنْهَا عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والصَّحِيحُ فيهِ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ.
وقالَ لِي أَبو مُحَمَّدٍ: كَانَ إبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ يَقْلِبُ الأَحَادِيثَ على وَجْهِ الغَلَطِ، إلَّا أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحَا، ولَغْوُ اليَمِينِ هُوَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ: أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ على الشَّيءِ وَهُوَ يُوقِنُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لَا شَكَّ فِيهِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فهَذا لا كَفَّارَةَ فيهِ، وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، لأنَّةُ لَمْ يَقْصِد الحِنْثَ، ولَا تَعَمُّدَ