[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: سَمِعْتُ بَعْضَ الفُقَهَاءِ يَقُولُ: "مَرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على حَاجمٍ ومَحْجُومٍ وَهُمَا يَغْتَابَانِ رَجُلاً، فقالَ - عليهِ السَّلاَمُ -: أَفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ" (?)، ولِهَذا قالَ سُفْيَانُ: (إنَّ الغِيبَةَ تُفْطِرُ الصَّائِمَ) (?).

[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: إنَّمَا كُرِهَتِ الحِجَامَةُ للصَّائِمِ خِيفَةَ التَّغْرِيرِ بالصَّائِمِ، لِئَلَّا يُمْنَعَ المُحْتَجِمُ أَو يَضْعُفَ (?)، فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لإفْطَارِه، فإذا احْتَجَمَ وسَلِمَ لَمْ يَكُنْ بهِ بَأْسٌ.

[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: روَى سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ وَجَدَ اليَهُودَ الذينَ كَانُوا بِها يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: في هَذا اليوم أَظْهَرَ اللهُ مُوسَى على فِرْعَون، فَنَحْنُ نَصُومهُ تَعْظِيماً لَهُ، فقالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُم، فَصَامَهُ وأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ قالَ: مَنْ شَاءَ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، ومَنْ شَاءَ تَرَكَهُ" (?).

[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: صِيَامُ يومَ عَاشُورَاءَ مُرَغَبٌ فيهِ، ولَا يُصَامُ إلَّا بِتَبيِّتٍ كمَا لا يُصَامُ رَمَضَانُ إلَّا بِتَبيِّتٍ.

* وقَدْ أَمَرَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ الحَارِثَ بنَ هِشَامٍ أَنْ يَصُومَهُ هُوَ وأَهْلُهُ وأَمَرَهُ أَنْ يُبيتَ الصِّيَامَ [1054].

قالَ أَبو عُمَرَ: مَنْ كَانَتْ لهُ نيّهٌ في صِيَامِ يومِ عَاشُورَاءَ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ ذَلِكَ اليومِ نَسِيَ أَنْ يُبيِّتَ الصِّيَامَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لَيْلَةُ يومِ عَاشُورَاءَ، فَلَمَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015