لأَنَّ اللهَ إنَّمَا أَمَرَ بأَخْذِهَا في كِتَابهِ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ (?).

وحُجَّةُ أَهْلِ المَدِينَةِ أَخْذُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ البَحْرَيْنِ ثُمَّ الخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، وهَؤُلاَءِ هُمُ العُلَمَاءُ بِتَأْوِيلِ كِتَابِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.

* ومَعْنَى قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في المَجُوسِ: "سُنُّوا بِهم سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ " [968]، يعنِي: في أَخَذِ الجِزْيةِ خَاصَّةً، لا في مُنَاكَحَةِ نِسَائِهِم، ولا في أَكْلِ ذِبَائِهِم، قالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة:221] وهُنَّ [المَجُوسِيَّاتِ] (?) والوَثَنِيَّاتِ مِمَّن لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، وقالَ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] يَعْنِي: لا تَأْكُلُوا مَا ذَبَحَهُ غيْرُ أَهْلِ الكِتَابِ مِنَ المَجُوسِ وعَبَدَةِ الأَوْثَانِ، وأَبَاحَ اللهُ تَعَالَى نِكَاحَ حَرَائِرِ أَهْلِ الكِتَابِ وأَكْلِ ذَبَائِحِهم، فقالَ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}، وقال: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]، والمَجُوسُ بِخِلاَفِ هذا كُلِّه، إلَّا في أَخْذِ الجِزْيةِ كما تُؤخَذُ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، لِقَولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "سُنُّوا بِهم سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ".

قالَ عبدُ المَلِكِ بنُ حَبِيبٍ: أَوَّلُ مَا فَرَضَ اللهُ الجِزْيةَ على أَهْلِ الذِّمَّةِ وبَيَّنَ كَيْفَ تُؤْخَذُ مِنْهُم عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، وذَلِكَ أَنَّهُ لمَّا وَجَّه عَمْرو بنُ العَاصِي إلى مَصْرَ فَافْتَتَحَها كَتَبَ إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُهُ في أَنْ يُقْسِمَ الأَرْضَ على الذينِ افْتَتَحُوهَا كمَا يُقْسِمَ عليهِم سَائِرَ الغَنِيمَةِ، فَكَتَبَ إليه عُمَرُ أن يُقْسِمَ مَا سَوَى الأَرْضِ ويُبْقِيهَا بِعُمَّالِهَا ولا يَقْسِمْهَا، وتَأوَّلَ قَوْلَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10]، فأَبْقَى الأَرْضَ لِمَنْ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِم مِنَ المُسْلِمينَ بعدَ الذينَ افْتَتَحُوهَا، ثُمَّ جَعَلَ على كُلِّ عِلْجٍ مِنْهُم أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ في العَامِ، وجَعَلَ على الأَرْضِ خَرَاجاً على حِدَة، وتَرَكَهُم عُمَّالاً لها، ولَمْ يَعْرِضْ على نِسَائِهِم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015