قالَ ابنُ القَاسِمِ: وأَمَّا قَوْلُهُ {وَفِي الرِّقَابِ} فَهُو أَنْ يَشْتَرِي الإمَامُ مِنَ الزَّكَاةِ رِقَابَا فَيُعْتِقَهَا عَنْ جَمَاعةِ المُسْلِمينَ، وَوَلاَؤُهُم للمُسْلِمينَ، فإنْ جَعَلَ وَلاَءَهَا لِنَفْسِهِ ضَمِنَ الزَّكَاةَ.
قالَ مَالِكٌ: ولا أَرَى أَنْ يُعْطَى مِنْهَا المُكَاتَبُ مَا يَتِمَّ عِتْقُهُ، لأَنَّ وَلاَؤَهُ يَبْقَى للذِي عَقَدَ كِتَابَتَهُ.
قالَ ابنُ مُزَيْنٍ: وقدْ رَخَّصَ في ذَلِكَ أَصْبَغُ بنُ الفَرَجِ إذا أُعْطِيَ مِنْهَا مَا يَتِمُّ به كِتَابَتَهُ ويَخْرُجُ بذلكَ حُرَّاً، قالَ: وحدَّثِني مُطَرِّفٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يحيى بنِ سَعِيل,، قالَ: قَدِمتُ إفْرِيقِيَّهَ، فَخَرَجْتُ بِها سَاعِيًّا، وجَمَعْتُ صَدَقَاتِهِم، ثُمَّ طَلَبْتُ مِسْكِينًا أُعْطِيهِ فَمَا وَجَدْتُهُ، فَابْتَعْتُ أَمَةً سَوْدَاءَ مِنَ الصَّدَقةِ، فأعْتَقْتُهَا وأَعْطَيْتُهَا أَرْبَعِينَ كَبْشَاً مِنَ الصَّدَقةِ.
قالَ عِيسَى: لا تُخْرَجُ صَدَقَاتُ قَوْمٍ إلى غَيْرِهِم، ولكَنْ يُفَرَّقُ جَمِيعُهَا في البَلَدِ الذيمما جُمِعَتْ فيهِ، إلَّا أَنْ تَنْزِلَ بِقَوْمٍ شِدَّةٌ، فَيُنْقَلُ السَّهْمُ مِنَ الصَّدَقَاتِ التِّي جُمِعَتْ في غَيْرِ بِلاَدِهِم بعدَ أَنْ تُسَدَّ فيه حَاجَةُ الفُقَرَاءِ الذينَ جُمِعَتْ الزَّكَاةُ في بِلاَدِهِم، وقدْ نَقَلَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ زَكَاةَ قَوْمٍ إلى غَيْرِهِم عندَ الشِّدَّةِ والمَجَاعَةِ.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: وأَمَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ تُجَّارِ العَدُوِّ، ومَا أُخِذَ مِنْ أَرْضِ العَنْوَةِ، وأَرْضِ الصُلْحِ، وخُمُسِ الزَّكَاةِ، ومَا أُخِذَ مِنْ تُجَّارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ في غَيْرِ بِلاَدِهِم مِنَ العُشْرِ، فهذَا كُلُّه في تَقسِمَةِ الإمَامِ على أَهْلِ البَلَدِ الذي افْتَتَحُوهُ، ويبَدأُ بأَهْلِ الحَاجَةِ مِنْهُم.
قالَ: ومِنَ الفَيءِ يُعْطَى غَازِي المُسْلِمِينَ، وقَاضِيهِم، وأَصْحَابُ أَعْمَالِهِم التي لا غِنَى للمُسْلِمينَ عَمَّنْ يَقُومُ لَهُم فِيها، وبِها مَصْلَحَتُهُم.
* [قالَ أَبو المُطَرّفِ]: قَوْلُ أَبي بَكْرٍ: (لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لَجَاهَدْتُهُمْ عَلَيْهِ) [923] يعنِي: لَوْ مَنَعَنِي الذين تَجِبُ عَلَيْهِم زَكَوَاتِ مَوَاشِيهِم زَكَاتَها لَجَاهَدْتُهُم على مَنْعِهَا كَمَا أُجَاهِدُ العَدُوَّ، وقَاتَلْتُهُم على ذَلِكَ، والعِقَالُ هُوَ سِعَايَةُ عَامٍ مِنَ الغَنَمِ والبَقَرِ