وقالَ ابنُ حَبيبٍ: أَصْلُ الخِلْطَةِ الرَّاعِي، فإذا اجْتَمَعَتْ في الرَّاعِي فَقَد اجْتَمَعَتْ في أَكْثَرِ وُجُوهُ الخِلْطَةِ، لأنَّهُ هُوَ الذي يَسْقِيهَا، وَهُو الذي يَجْمَعُهَا في الرَّعِي.
* قَوْلُ مَالِكٍ: (لَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ على الخَلِيطَيْنِ حتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ مِنْ جَمِيعِ المَوَاشِي) [904]، إنَّمَا قالَ ذَلِكَ لأَنَّ الحُكْمَ في الزَّكَاةِ للنصَابِ لا للخِلْطَةِ.
وقالَ غَيْرُ مَالِكٍ: إذا كَانَ في جَمِيع الغَنْمِ ما تَجِبُ فيهِ الصَّدَقةُ، وكَانَتْ للخَلِيطَيْنِ فَأَخَذَ مِنْهُمَا المُصَدِّقُ مَثْنَاة، فإنَّهُمَا يَتَرَادَّانِهَا بَيْنَهُمَا بالسَّوِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ.
* [قالَ أَبو المُطَرِّفِ]: إنَّما امْتَنَعَ سُفْيَانُ بنُ عبدِ اللهِ أَنْ يَأْخُذَ في زَكَاةِ الغَنَمِ مِنَ السِّخَالِ التي كَانَ يَعُدَّهَا على أَرْبَابِ الغَنَمِ مِنْ جِهَتِه، أنَّهُ لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أنْ يَتَقرَّبَ إلى اللهِ تعَالَى إلَّا بِخَيْرِ المَالِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلهِ تَعَالَى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267]، قالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي لا تَعْمَدُوا إلى رَذَالَةِ أَمْوَالِكُم فَتَتصَدَّقُون بِها، فإذا أَعْطَى الرَّجُلُ في صَدَقَتِهِ الجَذَعَةَ والثَّنِيّةَ كَانَ ذَلِكَ عَدْلاً بَيْنَ خِيَارِ المَالِ وَرَدِيئِه، وبهَذا أَمَرَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ المُصَدِّقينَ أَنْ يَأْخُذُوهُ مِنَ النَّاسِ في صَدَقَاتِهِم [909].
* قَوْلُ مَالِكٍ: (مَا وَلدتِ الغَنَمُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الأمَّهَاتِ في الزَّكَاةِ، مِثْلُ رِبْحِ المَالِ سَوَاءٌ، وذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا أفُيدَ إليها بشِرَاء أَوهِبَةٍ) [910].
[قالَ أَبو المُطَرِّفِ]: يُرِيدُ أَنَّ رَجُلًا لَوْ كَانَتْ لَهُ عِشْرُونَ شَاةً حَالَ عَلَيْهَا الحَوْلُ، ثُمَّ وَضَعَتْ عِشْرِينَ خَرُوفًا، زَكَّاهَا في الوَقْتِ، ولَو أَضَافَ إلى العِشْرِينَ الأُولَى عِشْرِينَ اسْتَقْبَلَ بِجَمِيعِهَا الحَوْلَ.
* ومَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ: (إذا تَظَاهَرَت على رَبِّ المَالِ صَدَقَاتٌ غَيْرُ وَاحِدَةٍ، فَلَيْسَ للمُصَدِّقِ أَنْ يُصَدِّقَ إلّا مَا وَجَدَ عِنْدَهُ) [913] يُرِيدُ: أنَّهُ إذا غَابَ السَّاعِي عَنْ رَبِّ المَالِ سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَهُ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَرْبَعِينَ، وقَدْ كَانَتْ في وَقْتِ مَغِيبِه عنهُ