بسم الله الرحمن الر حيم
صلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ، وعلى آلهِ وصَحْبِه وسلَّمَ تَسْلِيمَا
* أَجْمَلَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى ذِكْرَ الزكَاة في كِتَابهِ كَمَا أَجْمَلَ ذِكْرَ الصَّلَاةِ، فقالَ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 110]، فَأتَى بِلَفْظٍ مُجْمَلٍ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ على لِسَانِ نَبيّه - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "لَيْسَ فِيما دُونَ خَمْسِ ذَوْد صَدَقَةٌ، ولَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الوَرِقِ صَدَقَةٌ، ولَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَه أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ" [832]
والذَّوْدُ: جَمَلٌ وَاحِدٌ، فَكَأَنَّهُ قالَ: ليسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةٍ مِنَ الإبلِ صَدَقةٌ، والأُوقِيّهُ المَذْكُورَةُ هَهُنا: أَرْبَعُونَ دِرْهَما كَيْلا، فكَأَنَّهُ قالَ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ مِائتيْ دِرْهَم زَكَاةٌ، والخُمْسَةُ الأَوْسَقِ مَكِيلَةُ أَلْفِ مُدٍّ ومِائتيْ مُد بِمُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وذَلِكَ أَنَّ الوَسْقَ سِتُّونَ صَاعَاً، والصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَاد بِمُدِّه - صلى الله عليه وسلم -.
ولَا تَكُونُ الزَّكَاةِ إلَّا في المَاشِيَةِ، والعَيْنِ، والحَرْثِ، فالحَرْثُ: النَّخِيلُ والكُرُومُ، والحُبُوبُ: التِّي هِي أَقْوَاتٌ مُدَّخَرَةٌ.
قالَ أَبو مُحَمَّد: وأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ على أَنَّ في عِشْرِينَ مِثْقَالاً نِصفُ مِثْقَالٍ، ولَيْسَ يُوجَدُ في هذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ السَّنَدِ، كمَا يُوجَدُ في الوَرِقِ، فَصْرَفُ الدِّينَارَ في الزَّكَاةِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ كَيْلاً.
قالَ مَالِكٌ: وتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِمَّا زَادَ على المِائتيْ دِرْهَمٍ وإنْ قَلَّتِ الزِّيَادَةُ، ويُؤْخَذُ مِمَّا زَادَ على العِشْرِينَ مِثْقَالاً وإنْ قَلَّتِ الزِّيَادَةِ.
قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: ولمْ يَثْبُتُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أَخَذَ مِنَ الخُضَرِ الزَّكَاةَ، ولَمْ