سِتِّينَ ومَاية، وأَشَارَ علَى زُفَرِ بنِ عَاصِمٍ وَالِي المَدِينَةِ (?) أَنْ يُقَدِّمَ الصَّلَاةَ قَبْلَ الخُطْبَةِ، والعَمَلُ عِنْدَنا في هذَا على قَوْلهِ الأَوَّلِ أَنْ تَكُونَ الخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: وحَدِيثُ أَنسَ بنِ مَالِكٍ أَصْل في الإسْتِسْقَاءِ عندَ قِلَّةِ المَطَرِ، وأَصلٌ في الإسْتِصْحَاءِ عندَ كَثْرَةِ المَطَرِ.
* وقولُهُ - عليهِ السَّلاَمُ -: "اللَّهُمَّ ظُهوُرَ الجِبَالِ والآكَامِ" [650] يعنِي: بالآكامِ الكَدَاءَ الصِّغَارِ.
* وقَوْلُهُ: "فَانْجَابَتْ عَنِ المَدِينهِ انْجِيَابِ الثَّوْبِ" [650]، قالَ مَالِكٌ: يَعْنِي يَدُورَ السَّحَابُ في المَدِينَةِ كَمَا يَدُورُ جَيْبُ القَمِيصِ، فَكَانَ يُمْطِرُ حَوْلَ المَدِينَةِ ولَا يُمْطِرُ بالمَدِينَةِ.
* وقَولُىُ: "أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمن بِي، وكَافِر بِي" [653] يُرِيدُ: أنَّهُ مَنْ جَعَلَ الفِعْلَ في المَطَرِ للكَوَاكِبِ فَهُوَ كَافِر، ومَنْ جَعَلَهُ دَلِيلاً على المَطَرِ فقدْ أَخْطَأَ، لأَنَّهُ يَدَّعِي عِلْمَ الغَيْبِ، وكَانَ أَبو هُرَيْرَةَ يَقُولُ عند المطَرِ: (مُطِرْنَا بِنَوْءِ الفَتْحِ)، ويَتْلُو: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} [فاطر: 2] [655]، فالمَطَرُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى إذا أَنْزَلَهُ في وَقْتِهِ، ولَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَدّه المُتَعَارَفِ، فإنْ زَادَ على ذَلِكَ سُئِلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- كَشْفَهُ، كَمَا فَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حَدِيثِ أَنَسٍ.
* وقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أَنْشَأَتْ بَحْرِيَّةً، ثُمَّ تَشَامَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غَدِيقَة" [654] يقُولُ: إذا أَنْشَأَتِ السَّحَابَةُ مِنْ نَاحِيةِ البَحْرِ الذي هُوَ بِغَرْبِيِّ المَدِينَةِ ثُمَّ اسْتَدَارتْ فَعَلَتْ علَى المَدِينَةِ مِنْ نَاحِيةِ الشَّامِ، يعني: مِنْ جَوْفَيْ المَدِينَةِ فَذَلِكَ سَحَاب يَكُونَ مِنْهُ مَطَر غَزِير والغَرَقُ الغَزِيرُ، وليسَ في هذا حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ بالأَنْوَاءِ، أَو فِعْلِ النُّجُومِ وطُلُوعِهَا أَدِلَّةٌ على المَطَرِ، لأَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ هذا بالمَدِينَةِ على طَرِيقِ العَادَةِ والعُرْفِ، وذَلِكَ أَنَّ السَّحَابِ إذا أَطَلَّ على المَدِينَةِ مِنْ هَذِه النَّوَاحِي كَانَ سَحَابَ مَطَرٍ.