وقَوْلُهُ: (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَلْغَطَ) يعنِي: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ في مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا لا يَنْبَغِي مِنَ الكَلاَمِ، أَو يَنْشُدَ فيهِ الشِّعْرَ القَبِيحَ فَلْيَخْرُج مِنَ المَسْجِدِ إلى هذِه البُطَيْحَاءَ أَو غَيْرِها، وهذا أَصْل فِيمَنْ كَثُرَ كَلاَمُهُ في المَسْجِدِ بمَا لا يَنْبَغِي، أَو بَاعَ فيهِ، أو اشْتَرَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ، ولا بَأْسَ أَنْ يُنْشِدَ في المَسَاجِدِ الشِّعْرَ يَكُون حِكْمَةً، كَمَا كَانَ يَنْشُدُ حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ، ويَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "قُلْ وَمَعَكَ رُوُحُ القُدُسِ" (?)، يعنِي: جِبْرِيلَ، وكَانَ شِعْرُهُ ذَلِكَ في مَدْحِ الإسْلاَمِ وأَهْلِهِ، وذَمِّ المُشْرِكِينَ وآلهَتِهِم.
* قالَ أبو المُطَرِّفِ: حَدِيثُ الأَعْرَاِبِيِّ الذي سَأَلَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عنِ الفَرَائِضِ، وذَكَرَهَا لَهُ [604] ولَمْ يَذْكُرْ فِيها فرْضَ الحَجِّ، إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ فَرْضِ الحَجِّ.
ثُمَّ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ أَنْ نَزَلَ فَرْضُ الحَجِّ: "بُنِيَ الإسْلاَمُ على خَمْسٍ، شَهَادَةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وصَوْمِ رَمَضَانَ، وحَجِّ البَيْتِ" (?)، ثُمَّ سُنَّتِ السُّنَنُ فَأُتِمَّتِ الفَرَائِضُ، فَيَنْبَغِي للمُسْلِمينَ أنْ يَأْتُوا بالسُّنَنِ الَّتي سَنَّهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وقَوْلُهُ في الحَدِيثِ: "أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ" يعنِي: إنْ صَدَقَ اللهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى في قَوْلهِ، وأَرَادَهُ بِعَمَلِه دَخَلَ الجَنَّةَ، والفَلاَحُ البَقَاءُ في الجَنَّةِ.
* قالَ أبو عُمَرَ: قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ على قَافِيةِ رَأْسِ أَحَدِكُم إذا هُوَ نَائِمٌ ثَلاَثَ عُقَدٍ" [605] يعنِي: ثَلاَثَ عُقَدٍ مِنَ السِّحْرِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ بالنَّائِمِ يَمْنَعْهُ