كَلاَماً، فقالَ لَه ابنُ عُمَرَ: "إذا سُلِّمَ على أَحَدِكُم وَهُو يُصَلِّي فلَا يَتكلَّم، وليشِرْ بيَدِه" [583]، وفي هَذا مِنَ الفِقْه: إبَاحَةُ السَّلَامِ على المُصَلِّي، وأنَّ الإشَارَةَ بَالسَّلاَمِ تَقُومُ مَقَامَ الرَّدِّ بالكَلاَمِ، إذ الكَلاَمُ مَمْنُوع منهُ في الصَّلَاةِ، وكَذَلِكَ رَدَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على الذينَ يُسَلِّمُونَ عليهِ وَهُوَ يُصَلِّي، وفيه: بَيَانُ العَالِمِ لِمَنْ أَخْطَأَ في صَلاَتِهِ كَيْفَ يَفْعَلُ، فَلاَ يُسَلِّمُ على المُؤَذِّنُ في حَالِ أَذَانِهِ، ولا علَى المُلَبِّي في حَالِ تَلْبِيَتِهِ، إذ ليسَ في ذلك أثرٌ يُتَّبَعُ.
* وفِي رِوَايةِ بَعْضِ المَصْرِيينَ في المُؤَذِّنِ يُسَلَّمُ عليهِ وَهُو يُؤذِّنُ أَنَّهُ يَرُدُّ إشَارَةً
بأُصْبُعِه كَمَا يَفْعَلُ المُصَلِّي.
[قالَ أَبو المُطَرِّفِ] (?): إنَّمَا أَمَرَ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الذي ذَكَرَ صَلاَةً وَهُو مَعَ الإمَامِ أَنْ يَتَمَادَى مَعَ الإمَامِ بعدَ ذِكْرِه للصَّلاَةِ التي نَسِيهَا مِنْ أَجْلِ فَضْلِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ، ثُمَّ يُصَلي التي نَسِيَ ويُعِيدُ التِّي صَلَّى مَعَ الإمَامِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ صَلَّاهَا في غَيْرِ وَقْتِهَا، وذَلِكَ أَنَّهُ حِينَ ذَكَرَ التِّي نَسِيَ صَارَ ذَلِكَ الوَقْتِ وَقْتَاً لَها فَصَلَّى بَقِيَّةَ صَلَاتهِ مَعَ الإمَامِ في وَقْتِ الصَّلَاةِ المَنْسِيّهِ، فَلِذَلِكَ أَعَادَهَا [584].
وفي كِتَابِ ابنِ بُكَيْرٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ أنَّهُ رأَى رَجُلاً قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ اضْطَجَعَ، فقالَ لَهُ: (مَا حَمَلكَ على هَذا؟ فقالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَرَدْتُ أَنْ أَفْصِلَ بينَ صَلاَتِي، فقالَ لَهُ: وأَيُّ فَصْلٍ أَفْضَلُ مِنَ السَّلَامِ) (?).
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: قَوْلُ ابنِ عُمَرَ هذَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: مَنْ تنفَّلَ باللَّيْلِ أَنَّهُ يَفْصِلُ بينَ نَافِلَتِه وبينَ صَلَاةِ الصُّبْحِ بضَجْعَةٍ، فقالَ ابنُ عُمَرَ: (وأَيُّ فَصْلٍ أَفْضَلُ مِنَ السَّلَامِ)، لَمْ يَرْوِ يَحْيىَ هذِه المَسْألةَ مِنْ طَرِيقِ ابنِ عُمَرَ ولَا مِنْ غَيْرِهِ.
* قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِنَسَائِهِ: "مُرُوا أبا بكر يُصَلِّي بالنَّاسِ" [591] فيهِ مِنَ الفِقْهِ: اسْتِخْلاَفُ الإمَامِ على صَلَاةِ الجَمَاعَةِ مَنْ يُصَلِّيها لَهُم، فَرَاجَعَتْهُ عَائِشَةُ، وقَالتْ