قالَ أبو المُطَرِّفِ: قالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الفُقَهَاءِ: القَصْرُ في السَّفَرِ رُخْصَةٌ، فَمِن الصَّحَابَةِ مَنْ أَخَذَ بِها، ومِنْهُم مَنْ لمْ يَأْخُذْ بِها، وصَلَّى صَلَاتَهُ في السَّفَرِ على هَيْئَتِهَا في الحَضَرِ، ولهَذا قالَ مَالِكٌ: مَنْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ في السَّفَرِ أَعَادَهَا سَفَرِيَّةً في الوَقْتِ، وَلَو كَانَ فَرْضُهُ في السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّاهَا أَرْبَعًا لوَجَبَ عليهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ أبدَاً, لأنَّهُ كَانَ يَكُونُ زَائِدَاً في فَرْضِه، ومَنْ زَادَ في فَرْضِهِ عَامِدَاً وَجَبَتْ عليهِ الإعَادَةُ أبدَاً.

* [قالَ أبو المُطَرِّفِ] (?): بينَ ذَاتِ الجَيْشِ والعَقِيقِ عَشَرَةُ أَمْيَالٍ (?)، وأَظُنُّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ إنَّما أَخَّرَ صَلاَةَ المَغْرِبِ حينَ غَرُبَتْ لَهُ الشَّمْسُ بذِاتِ الجَيْشِ فَصَلاَّها بالعَقِيقِ مِنْ أَجْلِ أنَّهُ كَانَ يَطْلُبُ المَاءَ للوُضُوءِ، فَلِذَلِكَ أَخَّرَها بهذا التَّأخِيرِ.

وقالَ أبو مُحَمَّدٍ: إنَّما أَخَّرَها ابنُ عُمَرَ هذا التَّأْخِيرُ لِكَي يَقْطَعَ [في] (?) سَفَرِه، وذَلِكَ أنَّهُ قدْ اسْتُصْرِخَ على زَوْجَتِه صَفِيَّهَ وَهُو بِمَكَّةَ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّهَا على المَوْتِ، فأَسْرَعَ السَّيْرَ إلى المَدِينَةِ، فَوَصَلَ إليها مِنْ مَكَّةَ في ثَلاَثةِ أَيَّامٍ، فلذَلِكَ أخَّرَ صَلاَةَ المَغْرِبِ إلى قُرْبِ مَغِيبِ الشَّفَقِ، وهَكَذا يَفْعَلُ المُسَافِرُ إذا جَدَّ به السَّيْرُ.

قالَ أبو المُطَرِّفِ: رُوي عَنْ عليِّ بنِ أَبي طَالِبٍ أنَّهُ خَرَجَ مِنَ البَصْرَةِ في وَقْتِ صَلاَةٍ إلى سَفَرٍ فَنَظَرَ إلى خُصٍّ مِنْ خُصُوصِ البَصْرَةِ عَنْ يَمِينِه فقالَ: (لَوْلاَ هذا الخُصُّ لَقَصَرْتُ الصَّلَاةَ) (?)، فهذَا يَدُلُّ على أنَّ المُسَافِرَ لا يَبْتَدِئُ بالتَّقْصِيرِ حتَّى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015