بابُ قَصْرِ الصَّلَاةِ في السَّفَرِ
[إلى آخِر بَاب الصَّلَاةِ على الدَّابّةِ] (?)
* قَوْلُ الرَّجُل لإبنِ عُمَرَ: (إنا نَجِدُ صَلاَةَ الخَوْفِ وصَلاَةَ الحَضَرِ في القُرْآنِ، ولا نَجِدُ صَلاَةَ السَّفَرِ) , يعنِي: لا نَجدُ قَصْرَ الصَّلَاةِ في القُرْآنِ في غَيْرِ حَالةِ الخَوْفِ، فقالَ ابنُ عُمَرَ: (إنَّ الله بَعَثَ إلينَا مُحَمَّدًا ولا نَعْلَمُ شَيْئًا، فإنَّما نَفْعَلُ كمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ) يعنِي: تُقْصَرَ الصَّلاةُ في أَسْفَارِنَا فَنُصَلِّيها رَكْعَتَيْنِ [كمَا] (?) كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في أَسْفَارِه، إذ هُو المُبَيِّنُ عَنِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- ما أَمَرَهُ به.
قالَ أبو المُطَرِّفِ: صَلاَةُ الخَوْفِ هي صَلاَةُ السَّفَرِ، ولكنْ مِنْ أَجْلِ الخَوْفِ قُسِمَتْ بينَ طَائِفتيْنِ بإمَامٍ وَاحِدٍ، فَصَلاةُ السَّفَرِ مَذْكُورَةٌ في القُرْآنِ كمَا أنَّ صَلاَةَ الحَضَرِ مَذكُورَةٌ فيه، وذَلِكَ قَوْلُهُ عزَّ وجَلَّ: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ} [النساء: 103] يعنِي: إذا اسْتَقرَرَتُم في أَمْصَارِكُم {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (?) يعنِي: صَلُّوهَا أَرْبعَاً.
قالَ أحمدُ بنُ خَالِدٍ: اسْمُ ذَلِكَ الرَّجُلِ الذي سَأَلَ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ عَنْ هَذِه المَسْأَلةِ أُمَيَّةُ بنُ خَالِدِ بنِ أَسِيدٍ.
قالَ أبو المُطَرِّفِ: في جَوَابِ ابنِ عُمَرَ لِهَذا الرَّجُلِ مِنَ الفِقْهِ: الوُقُوفُ عندَ السُّنَنِ، وتَرْكُ الإعْتِرَاضِ على مَا ثَبَتَ مِنْهَا واسْتَفَاضَ بهِ العَمَلُ، وهذَا سَبيلُ أَهْلِ السَّلاَمَةِ، وأما مَنْ نَصَبَ دِينَهُ للجَدَلِ فإنَّهُ يُكْثِرُ التَّنَقُّلَ، ويُعْمِي قَلْبَهُ عَنِ الصَّوَابِ.