وقالَ أَهْلُ الكُوفَةِ: الوِتْرُ فَرِيضَةٌ (?)، واحْتَجُّوا في ذَلِكَ بِحَدِيثٍ رَوَوْهُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ: "إنَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى زَادَكُمْ صَلاَةً إلى صَلاَتِكُم، ألَا وَهِيَ الوِتْرُ" (?).
ومَعْنَى هذا الحَدِيثِ عندَ أَهْلِ المَدِينَةِ: أنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- زَادَنَا ثَوَابَ صَلاَةَ الوِتْرِ إلى ثَوَابِ صَلاَةِ الفَرْضِ، ولَو كَانَ الوِتْرُ فَرْضَاً لَقَالَ: إنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى زَادَكُم فَرْضَاً إلى فَرْضِكُم، وقدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على رَاحِلَتِه، ولمْ يُصَلِّ قَطُّ فَرِيضَةً على رَاحِلَتِه.
وقَدْ سُئِلَ ابنُ عُمَرَ عَنِ الوِتْرِ: (أَوَاجِبٌ هُو وُجُوبَ الفَرَائِضِ؟ فقالَ: أَوْتَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَوْتَرَ المُسْلِمُونَ, وَلَوكانَ الوِتْرُ فَرْضَاً لَبَيَّنَ ذَلِكَ ابنُ عُمَرَ للذي سأَلهُ عنهُ، فَالوِتْرُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
قالَ أبوالمُطَرِّفِ: أَنْكَرَ مَنْ يَقُولُ بإنَفَاذِ الوَعِيدِ -مِنْ أَهْلِ البدَعِ (?) - حَدِيثَ عُبَادَةَ هَذا، لِقَوْلِه في آخِرِه: "ومَنْ لمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ عندَ اللهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وإن شَاءَ غَفَرَ لَهُ" وقَالُوا: سَنَدُ هذَا الحَدِيثِ في المُوطَّأ مَجْهُولٌ، وهذا حَدِيثٌ رَوَاهُ يَحْيىَ بنُ سَلاَمٍ عَنْ يحيى بنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يحيى بنِ حَبَّانَ، عَنْ عبدِ اللهِ بنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وذَكَرَ الحَدِيثِ على نَحْوِ ما ذَكَرَ مَالِكٌ في المُوطَّأ (?).