قالَ مَالِكٌ: ولَو صَلَّاها الإمَامُ مَعَ النَّاسِ في المَسْجِدِ لم يَكُنْ بذَلِكَ بَأسٌ.
وقَوْلُ عُمَرَ: "والتي تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ" يُرِيدُ: أن التَّنَفُّلَ آخِرَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ، مِن أَجْلِ حَدِيثِ النُّزُولِ، واسْتِجَابةِ الرَّبَّ للعِبَادِ في ذَلِكَ الوَقْتِ.
وقالَ أبو المُطَرِّفِ: قَامَ النَّاسُ في رَمَضَانَ في خِلاَفةِ عُمَرَ بِثَلاَثٍ وعِشْرِينَ رَكْعَةً، يُطَوِّلُونَ القِرَاءَةَ في كُلِّ رَكْعَةٍ، ثُمَّ صَلُّوا بعدَ ذَلِكَ سِتَّةً وثَلاَثينَ رَكعَةً سِوَى الوُترِ، نَقَصُوا مِنْ طُولِ القِيَامِ، وزَادُوا في عَدَدِ الرَّكَعَاتِ.
وقالَ نَافِعٌ القَارئُ: أَدْرَكْتُ النَّاسُ وَهُم يُصَلُّونَ في رَمَضَانَ سِتَّةً وثَلاَثِينَ رَكْعَةً سِوَى الوُتْرِ (?)، واسْتَحْسَنَهُ مَالِكٌ.
* قالَ أبو المُطَرِّفِ: قَوْلُ الأَعْرَجِ: (مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إلَّا وَهُم يَلْعَنُونَ الكَفَرةَ في رَمَضَانَ). قالَ عِيسى: كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مِنْ نِصْفِ رَمَضَانَ إلى آخِرِه، يَدْعُو إمَامُهُم على الكَفَرَةِ، ويَدْعُو للمُسْلِمينَ، رَافِعَاً صَوْتَهُ، ويُؤَمِّنونَ على دُعَائِه، وكَانَ مَالِكٌ لا يَأْخُذُ بهِ, لأنَّهُ لم يكُنْ ذَلِكَ في أوَّلِ الإسْلاَمِ بالمَدِينةِ.
قالَ أبو مُحَمَّدٍ: إنَّما فَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُ المَدِينَةِ حِينَ قَاتَلَهُم الخَوَارِجُ، فَقَتَلُوا فُقَهَائَهُم وصَالِحِيهِم، فَكَانُوا يَلْعَنُونَهُم ويَدْعُونَ عَلَيْهِم في صَلاَةِ رَمَضَان باللَّيْلِ، فَفِي هذا رُخْصَةٌ في الدُّعَاءِ على مَنْ ظَلَمَ المُسْلِمينَ، ولمْ يَتَّقِ اللهَ فِيهم.
* قالَ أبو المُطَرِّفِ: صَلاَةُ عَائِشَةَ خَلْفَ ذَكْوَانَ مُدَبَّرَهَا في رَمَضَانَ دَلِيلٌ على أنَّ الإمَامَةَ لَيْسَتْ إلى النِّسَاءِ لا في فَرِيضَةٍ ولا في نَافِلَةٍ، وأنَّهُ لا بَأْسَ، بإمَامَةِ العَبْدِ في النَّافِلَةِ، وتَجُوزُ إمَامَتُهُ في الفَرِيضَةِ إذا لم يَكُنْ إمَامَاً رَاتِبًا, لأن على العَبْدِ أنْ يُطِيعَ سَيِّدَهُ فِيمَا يَأمُرُه به، بمَا أَمَرَهُ بسَفَرٍ أو خِدْمَةٍ، وشغلُهُ عَنِ الإمَامَةِ [لِلَزمِه] (?) طَاعَةَ سيِّدِه.
* * *