قال أبو المُطَرِّفِ: وَمِثْلُ مَالِكٍ يُوَجَّهُ بِحَدِيثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنُ الوُجُوهِ، وَيُتَأوَّلُ لَهُ التَّأويُلُ الحَسَنِ، وقد قالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: (الحَدِيثُ مَضِلَّةُ اللهِ للفُقَهَاءِ) (?) يُريدُ: أنَّ غَيْرَهُم قد عَمِلَ شَيْئَاً على ظَاهِرِ حَدِيثٍ، وله تَأْوِيلٌ مِنْ حَدِيثِ غَيرِه، أو دَلِيلٍ يَخْفَى، أو مَترُوكٍ أَوْجَبَ تَرْكَهُ، [أو] (?) غيرِ شَيءٍ، وهذا كُلُّه لا يَقُومُ بهِ إلَّا مَنِ اسْتَبْحَرَ في العِلْمِ، ووَقَفَ على مَعَانِيه.
قالَ أحمدُ بنُ خَالِدٍ: روَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ كَانَ على كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجِدِ مَلاَئِكَةٌ يَكْتُبُونَ النَّاسَ على مَنَازِلِهم، فالمُهَجِّرُ إلى الصَّلَاةِ كالمُهْدِي بَدَنةً، ثُمَّ الذي يَلِيهِ كالمُهْدِي بَقَرَةً" (?) وذَكَرَ بَاقِي الحَدِيثَ، قالَ أحمدُ: وهذا أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ سُمَيٍّ عَنْ أبي صَالِحٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، وَيدُلُّ هذا على أنَّ هَذِه السَّاعَةَ قُرْبَ الزَّوَالِ، لِقَوْلِه: "فَالمُهَجِّرِ إلى الصَّلَاةِ"، والتَّهْجِيرُ هُوَ قُرْبُ الزَّوَالِ، لا في أَوَّلِ النَّهَارِ، كَمَا تَأوَّلَ غيرُ مَالِكٍ.
وقَؤلُه في الحَدِيثِ: "فإذا خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ" والإمَامُ إنما يَخْرُجُ عندَ زَوَالِ الشَّمْسِ.
* وقَوْلُهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] إنما هذا على قَدْرِ قُرْبِ المَنَازِلِ مِنَ الجَامِعِ، ومَنْ بَعُدَ مَنْزِلُه فإنَّما هُوَ يَسْعَى إليها قبلَ ذَلِكَ الوَقْتِ.
* قَوْلُ أَبي سَعِيدٍ، عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قالَ: "غُسْلُ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ على كُلِّ