وقالَ غَيْرُه: يُقَالَ لَهَا: أُمُّ القُرْآنِ على مَعْنَى أنَّها أَصْلُ القُرْآنِ، وأَوَّلُ ما يُقْرأُ مِنَ القُرْآنِ.
* قَوْلُ جَابِرِ بنِ عبدِ الله: (مَنْ صَلَّى رَكْعَةً لمْ يَقْرَأْ فِيها بأُمِّ القُرْآنِ فلمْ يُصَلِّ، إلا وَرَاءَ الامامِ) يعني: أنَّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ لا تُجْزِيه إذا صلَّى وَحْدَهُ، فَمَنْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ حَمَلَ عنهُ الإمامُ قِرَاءَتَها إذا لم يَقْرَأْهَا مَعَ الإِمام.
قالَ ابنُ أبي زَيْدٍ: اخْتُلِفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ تَرَكَ قِرَاءَةَ أُمِّ القُرْآنِ في رَكْعَةٍ مِنْ صَلاَتهِ وَهُو يُصَلِّي، فَمَرَّةً قالَ: يُلْغِي مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ التي تَرَكَ القِرَاءَةَ فِيها على حَدِيثِ جَابِرٍ، ثُمَّ يأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيسْجُدَ بعدَ السَّلَامِ، ثُمَّ قالَ: أَرْجُو أنْ يُجْزِيهِ سُجُودُ السَّهْوِ قبلَ السَّلَامِ، ومَا هُو عِنْدِي بالبَيِّنِ، واسْتَحَبَّ ابنُ القَاسِمِ أنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ يُسَلِّمُ ويُعِيدُ الصَّلاَةَ احْتِيَاطًا (?).
قالَ ابنُ المَوَّازِ (?): إنما اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ في هَذِه المَسْألةِ لإخْتِلاَفِ مَنْ قَبْلَهُ فِيمَنْ تَرَكَ القِرَاءَةَ في بَعْضِ صَلاَتهِ، ورُوي عَنْ عُمَرَ وعَليٍّ إجازَةَ صَلاَةِ مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ قِرَاءِةٍ، ولم تَجُزْ صَلاَتُهُ للأَعْجَمِيِّ الذي لا يَقْرَأً، فَلِهَذا أَمَرُهُ مَالِكٌ بالسُّجُودِ، وتُجْزِيه صَلاَتهُ، ثُمَّ نَظَر إلى حَدِيثِ جَابِرٍ فَأَمَرَهُ أنْ يأتِي بِرَكْعَةٍ، إذ لا تُجْزِيه تِلْكَ الرَّكْعَةُ التي لم يَقْرأْ فيها باُمِّ القُرْآنِ (?).