تفسير المنار (صفحة 4472)

(الْفَصْلُ الثَّانِي)

(فِي صِفَةِ الْإِسْلَامِ وَمَدْخَلِهِ وَأَهَمِّ أُصُولِ التَّشْرِيعِ فِيهِ، وَفِيهِ عَشَرَةُ أُصُولٍ)

(الْأَصْلُ الْأَوَّلُ) أَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ هُوَ نُورُ اللهِ تَعَالَى الْعَامِّ، وَهُدَاهُ الْكَامِلُ التَّامُّ، الَّذِي نَسَخَ بِهِ مَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الْأَدْيَانِ، وَوَعَدَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِإِتْمَامِهِ، وَخِذْلَانِ مُرِيدِي إِطْفَائِهِ، وَذَلِكَ نَصُّ الْآيَتَيْنِ (32 و33) وَتَجِدُ فِي تَفْسِيرِهِمَا فِي (ص 333 - 343 ج 10 ط الْهَيْئَةِ) مَا لَا تَجِدُ مِثْلَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ الْأُخْرَى مِنْ إِظْهَارِهِ عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ، بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ، وَالْهِدَايَةِ وَالْعِرْفَانِ، وَالْعِلْمِ وَالْعُمْرَانِ، وَالسِّيَادَةِ وَالسُّلْطَانِ.

(الْأَصْلُ الثَّانِي) مَدْخَلُ الْإِسْلَامِ وَمِفْتَاحُهُ وَمَا يَتَحَقَّقُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْمُشْرِكِينَ: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) (9: 5) وَيُؤَكِّدُهَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) (9: 11) وَالْمُرَادُ التَّوْبَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَتَحْصُلُ بِالْإِقْرَارِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَتَجِدُ فِي تَفْسِيرِهِمَا خِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي كُفْرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ وَمَانِعِ الزَّكَاةِ مِنْ أَفْرَادِ الْمُسْلِمِينَ (ص 151 و169 وَمَا بَعْدَهُمَا ج 10 ط الْهَيْئَةِ) .

(الْأَصْلُ الثَّالِثُ) بِنَاءُ الْإِسْلَامِ عَلَى الْعِلْمِ الصَّحِيحِ دُونَ التَّقْلِيدِ الَّذِي ذَمَّهُ الْقُرْآنُ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ وَشَنَّعَ بِهِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. وَدَلِيلُهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي تَعْلِيلِ الْأَمْرِ بِإِجَارَةِ الْمُشْرِكِ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِيَسْمَعَ الْقُرْآنَ: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ

قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ) (9: 6) وَقَوْلُهُ فِي الْآيَةِ: (وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (9: 11) وَأَصْرَحُ مِنْهُمَا قَوْلُهُ فِي مُقَلِّدَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ) (9: 31) مَعَ تَفْسِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ بِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُمْ فِيمَا يُحِلُّونَ لَهُمْ وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ (ص 317 وَمَا بَعْدَهَا ج 10 ط الْهَيْئَةِ) .

(الْأَصْلُ الرَّابِعُ) أَنَّ التَّكْلِيفَ الْعَامَّ مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الدِّينِيِّ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِنَصٍّ قَطْعِيٍّ، وَهُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ، وَأَصْلُ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَشَاهِدُهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) (9: 115) وَبَيَانُهُ فِي تَفْسِيرِهَا (فِي أَوَّلِ هَذَا الْجُزْءِ) .

(الْأَصْلُ الْخَامِسُ) جِهَادُ الْمُشْرِكِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَعَدَمُ السَّمَاحِ بِهِمْ بِالْإِقَامَةِ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ أَوْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ فِي آيَاتٍ، مِنْهَا الْآيَةُ الَّتِي سَمَّوْهَا آيَةَ السَّيْفِ وَهِيَ الْخَامِسَةُ (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (9: 5) وَهِيَ غَيْرُ نَاسِخَةٍ لِآيَاتِ الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْمُشْرِكِينَ كَمَا قِيلَ، وَتَرَى فِي تَفْسِيرِهَا تَحْقِيقَ الْآيَاتِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015