تفسير المنار (صفحة 3792)

وَاشْتَرَطَ فِي هَذَا الْإِذْنِ أَنْ يُرَدَّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، بِالرُّجُوعِ إِلَى الْكِتَابِ، وَإِلَى الرَّسُولِ فِي عَهْدِهِ، وَإِلَى سُنَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي بَقِيَّةِ الْآيَةِ مَعَ بَيَانِ عِلَّتِهِ (رَاجِعْ تَفْسِيرَهَا فِي ص146 - 180 ج 5

ط الْهَيْئَةِ) .

(الْأَصْلُ الثَّانِي) تَحْرِيمُ التَّقْلِيدِ فِي الدِّينِ، وَالْأَخْذِ فِيهِ بِآرَاءِ الْبَشَرِ، وَهُوَ نَصُّ النَّهْيِ فِي الْآيَةِ الثَّالِثَةِ مَعْطُوفًا عَلَى الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ مَا أُنْزِلَ إِلَى النَّاسِ مِنْ رَبِّهِمْ وَهُوَ: وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ (7: 3) وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُفَسِّرُونَ. وَمِنَ النُّصُوصِ فِي بُطْلَانِهِ الْإِنْكَارُ عَلَى احْتِجَاجِ الْمُشْرِكِينَ بِهِ فِي الْآيَةِ 28: وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا الْآيَةَ (رَاجِعْ تَفْسِيرَهَا فِي ص 332 وَمَا بَعْدَهَا ج 8 ط الْهَيْئَةِ) وَفِي الْآيَةِ 173.

(الْأَصْلُ الثَّالِثُ) تَعْظِيمُ شَأْنِ النَّظَرِ الْعَقْلِيِّ وَالتَّفَكُّرِ ; لِتَحْصِيلِ الْعِلْمِ بِمَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ، وَمَعْرِفَةُ آيَاتِ اللهِ وَسُنَنِهِ فِي خَلْقِهِ وَفَضْلِهِ عَلَى عِبَادِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آيَةِ 33: وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا السُّلْطَانُ: الْبُرْهَانُ، فَتَقْيِيدُ تَحْرِيمِ الشِّرْكِ بِانْتِفَائِهِ تَعْظِيمٌ لِشَأْنِهِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ 169: أَفَلَا تَعْقِلُونَ وَسَيُذْكَرُ فِي الْأَصْلِ الرَّابِعِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى بَعْدَ ضَرْبِ الْمَثَلِ لِلْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِهِ مِنْ آيَةِ 176: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ 184: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ وَفِي الْآيَةِ 185: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِلَخْ. - وَالْآيَةُ الْجَامِعَةُ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) وَهِيَ شَامِلَةٌ لِلنَّظَرِ الْعَقْلِيِّ الْمَحْضِ، وَلِكُلِّ مَا كَانَ مَصْدَرُهُ الرُّؤْيَةَ وَالسَّمَاعَ، وَهُمَا أَعَمُّ وَأَكْثَرُ مَصَادِرِ الْعِلْمِ.

(الْأَصْلُ الرَّابِعُ) تَعْظِيمُ شَأْنِ الْعِلْمِ الشَّامِلِ لِلْعِلْمِ النَّقْلِيِّ وَهُوَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ، وَمَا بَيَّنَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سُنَّةٍ، وَالْعِلْمُ الْمُسْتَفَادُ مِنَ الْحِسِّ وَالْعَقْلِ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْعِلْمِ هُنَا مُتَعَلِّقُ الْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمَعْلُومَاتُ، فَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ. وَمِنَ الْآيَاتِ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ 28: أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ 32: كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهِيَ مِنَ النَّوْعِ الثَّانِي ; لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْآيَةِ مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَبِالزِّينَةِ وَالْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ حَرَّمَهُمَا، وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ عِلْمِ الِاجْتِمَاعِ وَالْمَصَالِحِ الْبَشَرِيَّةِ كَمَا فَصَّلْنَاهُ فِي تَفْسِيرِهَا، رَاجِعْ ص 338 وَمَا بَعْدَهَا ج 8 ط الْهَيْئَةِ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ آيَةِ 33 الَّتِي بَيَّنَ فِيهَا أَنْوَاعَ الْمُحَرَّمَاتِ الْعَامَّةِ: وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ السُّلْطَانُ الْبُرْهَانُ - وَقَوْلُهُ تَعَالَى

فِي آخِرِ آيَةِ 131: وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَهُوَ فِي زَعْمِ آلِ فِرْعَوْنَ وَخُرَافَاتِهِمْ أَنَّ مَا يَنَالُهُمْ مِنَ الْحَسَنَاتِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015