الْبَابُ الثَّالِثُ عَالَمُ الْآخِرَةِ وَالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ.
(وَفِيهِ 12 أَصْلًا) .
(الْأَصْلُ الْأَوَّلُ) الْبَعْثُ وَالْإِعَادَةُ فِي الْآخِرَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ 25: وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ وَفِي 29: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِمْكَانِ الْبَعْثِ ; لِأَنَّهُ كَالْبَدْءِ أَوْ أَهْوَنُ عَلَى الْمُبْدِئِ بَدَاهَةً، فَكَيْفَ وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ بَدْءًا وَإِعَادَةً عَلَى سَوَاءٍ - وَفِي الْآيَةِ 57 تَشْبِيهُ إِخْرَاجِ الْمَوْتَى بِإِخْرَاجِ النَّبَاتِ مِنَ الْأَرْضِ الْمَيِّتَةِ بَعْدَ إِنْزَالِ الْمَطَرِ عَلَيْهَا. وَهَذَا التَّشْبِيهُ يَتَضَمَّنُ الْبُرْهَانَ الْوَاضِحَ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى بَعْدَ فَنَاءِ أَجْسَادِهِمْ، وَقَدْ أَطَلْنَا فِي تَفْسِيرِهَا الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ
مِنَ الْجِهَةِ الْعِلْمِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْكَوْنِيَّةِ (فَتُرَاجَعُ فِي 418 - 427 ج 8 ط الْهَيْئَةِ) .
(الْأَصْلُ الثَّانِي) وَزْنُ الْأَعْمَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَرْتِيبُ الْجَزَاءِ عَلَى ثِقَلِ الْمَوَازِينِ وَخِفَّتِهَا وَهُوَ فِي الْآيَتَيْنِ الثَّامِنَةِ وَالتَّاسِعَةِ.
(الْأَصْلُ الثَّالِثُ) سُؤَالُ الرُّسُلِ فِي الْآخِرَةِ عَنِ التَّبْلِيغِ وَأَثَرِهِ، وَسُؤَالُ الْأُمَمِ عَنْ إِجَابَةِ الرُّسُلِ وَهُوَ فِي الْآيَةِ السَّادِسَةِ.
(الْأَصْلُ الرَّابِعُ) كَوْنُ الْجَزَاءِ بِالْعَمَلِ، وَجَزَاءُ الْمُكَذِّبِينَ الْمُسْتَكْبِرِينَ وَالْمُجْرِمِينَ وَالظَّالِمِينَ، وَدُخُولُ الْأُمَمِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فِي النَّارِ، وَلَعْنُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَشَكْوَى بَعْضِهِمْ مِنْ إِضْلَالِ بَعْضٍ، وَالدُّعَاءُ عَلَيْهِمْ بِمُضَاعَفَةِ الْعَذَابِ، وَتَحَاوُرُهُمْ فِي ذَلِكَ، رَاجِعِ الْآيَاتِ 36 - 41 و147 و179.
(الْأَصْلُ الْخَامِسُ) جَزَاءُ الْمُتَّقِينَ الْمُصْلِحِينَ فِي الْآيَةِ 35، وَجَزَاءُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وِإِيرَاثُهُمُ الْجَنَّةَ وَحَالُهُمْ وَمَقَالُهُمْ فِيهَا، وَذَلِكَ فِي الْآيَتَيْنِ 42 و43، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الزِّينَةِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ مِنَ الْآيَةِ 32: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
(الْأَصْلُ السَّادِسُ) إِقَامَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْحُجَّةَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ (44) إِلَخْ. وَفِي تَفْسِيرِهَا بَيَانٌ لِمَا فِي صِنَاعَاتِ هَذَا الْعَصْرِ مِنْ إِزَالَةِ الِاسْتِبْعَادِ وَالِاسْتِغْرَابِ مِنْ تَحَاوُرِ النَّاسِ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَاتِ بَيْنَهُمْ رَاجِعْ 377 وَمَا بَعْدَهَا ج 8 ط الْهَيْئَةِ.
(الْأَصْلُ السَّابِعُ) الْحِجَابُ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ وَهُوَ الْأَعْرَافُ وَأَهْلُهُ وَتَسْلِيمُهُمْ