قِصَّةُ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ
هُوَ مِنْ أَنْبِيَاءِ الْعَرَبِ الْمُرْسَلِينَ وَاسْمُهُ مُرْتَجَلٌ وَقِيلَ: مُصَغَّرُ شَعْبٍ بِفَتْحِ
الْمُعْجَمَةِ أَوْ كَسْرِهَا، وَمَا قِيلَ مِنْ حَظْرِ تَصْغِيرِ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْوَضْعُ الْأَوَّلُ، بَلِ الْمُرَادُ بِهِ تَصْغِيرُ الِاسْمِ الْمَعْرُوفِ بِمَا يُوهِمُ الِاحْتِقَارَ، كَأَنْ تَقُولَ فِي شُعَيْبٍ " شُعَيْعِيبٌ " بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُصَغَّرٍ فِي الْأَصْلِ، وَقَصْدُ الِاحْتِقَارِ لَا يَقَعُ مِنْ مُؤْمِنٍ بِأَنَّهُ مِنْ رُسُلِ اللهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
أَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ بِشْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبِيدُ اللهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ سَمْعَانَ عَنْ بَعْضِ مَنْ قَرَأَ الْكُتُبَ قَالَ: إِنَّ أَهْلَ التَّوْرَاةِ يَزْعُمُونَ أَنَّ شُعَيْبًا اسْمُهُ فِي التَّوْرَاةِ مِيكَائِيلُ وَاسْمُهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ خَبْرِيُّ بْنُ يَشْخُرَ بْنِ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِهِ عَنِ الشَّرْقِيِّ بْنِ الْقَطَامِيِّ وَكَانَ نَسَّابَةً عَالِمًا بِالْأَنْسَابِ قَالَ: هُوَ يتروب بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَشُعَيْبٌ بِالْعَرَبِيَّةِ ابْنُ عَيْفَا بْنِ يَوْبَبِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْبَبُ بِوَزْنِ جَعْفَرٍ أَوَّلُهُ مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ وَبَعْدَ الْوَاوِ مُوَحَّدَتَانِ انْتَهَى مِنَ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ. وَلَعَلَّ يَشْخُرَ فِيهِ مُصْحَّفُ يَشْجُرَ.
وَأَقُولُ: إِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَغُشُّونَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَرْوُونَ لَهُمْ مِنْ كُتُبِهُمْ، وَالَّذِي فِي تَوْرَاتِهِمْ أَنَّ حِمَى مُوسَى كَانَ يُدْعَى رَعْوَئِيلُ كَمَا فِي سِفْرِ الْخُرُوجِ (2: 18) وَسِفْرِ الْعَدَدِ (10: 29) وَقَالُوا: إِنَّ " رَعْوَ " مَعْنَاهُ صَدِيقٌ فَمَعْنَى رَعْوَئِيلَ (صَدِيقُ اللهِ) أَيِ الصَّادِقُ فِي عِبَادَتِهِ، وَفِي (3: 1 خُرُوجٍ) أَنَّ اسْمَهُ يَثْرُونُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالنُّونِ، إِذْ قَالَ: وَكَانَ مُوسَى يَرْعَى غَنَمَ يَثْرُونَ حَمِيِّهِ كَاهِنِ مَدْيَنَ وَمِثْلُهُ فِي (4: 18 مِنْهُ) وَضُبِطَ فِي تَرْجَمَةِ الأميركان بِكَسْرِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الثَّاءِ وَفِي تَرْجَمَةِ الْجزويت " يَثْرُو " بِفَتْحِ الْيَاءِ وَبِدُونِ نُونٍ، وَفِي قَامُوسِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ لِلدُّكْتُورِ بُوسْتْ الْأَمِيرِكَانِيِّ: يَثْرُونُ (فَضْلُهُ) كَاهِنٌ أَوْ أَمِيرٌ مِدْيَانٌ وَهُوَ حَمُو مُوسَى (خر 3: 1) وَيُدْعَى أَيْضًا رَعْوَئِيلُ (خر 2: 18 وعد 1: 29) وَيُثْرُ (حَاشِيَةُ خر 4: 18) وَيُرَجَّحُ أَنَّ يَثْرُونَ كَانَ لَقَبًا لِوَظِيفَتِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ وَقَطُورَةَ (تَكُ 25: 2) اهـ. وَذَكَرَ قَبْلَ ذَلِكَ يُثْرَ وَفَسَّرَهُ بِفَضْلٍ كَمَا فَسَّرَ يَثْرَوُنَ بِفَضْلِهِ - أَيْ فَضْلُ مُضَافًا إِلَى ضَمِيرِ الْغَائِبِ. وَلَعَلَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ إِلَى اللهِ تَعَالَى كَضَمِيرِ عَبْدِهِ عَلَمًا فِي زَمَانِنَا وَيَخْتَصِرُونَ بِهِ عَبْدَ اللهِ.