(14) قَاعِدَةُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْخَبِيثِ وَالطَّيِّبِ وَكَوْنِهِمَا لَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْحُكْمِ، كَمَا أَنَّهُمَا لَا يَسْتَوِيَانِ فِي أَنْفُسِهِمَا وَفِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ مِنْ أُصُولِ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى تَعْلِيلِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِالْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ. وَعَلَى عَدَمِ اسْتِوَاءِ جَزَاءِ الْخَبِيثِ وَالطَّيِّبِ مِنَ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [رَاجِعْ ص 103 ج 7 ط الْهَيْئَةِ] وَمَا كَانَ تَعْلِيلُ الْأَحْكَامِ وَبَيَانُ حِكْمَتِهَا وَفَائِدَتِهَا إِلَّا لِأَجْلِ تَوَخِّيهَا كَأَحْكَامِ الطَّهَارَةِ وَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَبَعْضِ الطَّعَامِ وَأَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ وَالشَّهَادَةِ وَإِقْسَامِ الشُّهَدَاءِ الْيَمِينَ وَإِنَّكَ لَتَجِدُ الَّذِينَ يَجْهَلُونَ ذَلِكَ لِإِعْرَاضٍ عَنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ وَأَسْرَارِ السُّنَّةِ قَدْ جَعَلُوا أَمْرَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ تَعَبُّدِيًّا مَحْضًا لَا يَسْتَلْزِمُ النَّظَافَةَ فِعْلًا وَلَا قَصْدًا، وَزَعَمُوا أَنَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ تَعَبُّدِيٌّ لَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ كُلِّ مُسْكِرٍ بِنَاءً عَلَى رَأْيِهِمْ أَنَّ الْخَمْرَ مَا كَانَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ خَاصَّةً، فَمَا الْقَوْلُ فِي فَهْمِهِمْ لِسَائِرِ الْأَحْكَامِ؟ ! .
(15) تَحْرِيمُ الِاعْتِدَاءِ عَلَى قَوْمٍ بِسَبَبِ بُغْضِهِمْ وَعَدَاوَتِهِمْ ; لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَلْتَزِمُوا الْحَقَّ وَالْعَدْلَ وَلَا يَكُونُوا كَأَهْلِ السِّيَاسَةِ الْمَدَنِيَّةِ. [رَاجِعْ ص 106، 107، 227 ج 6 ط الْهَيْئَةِ] .
(16) وُجُوبُ الشَّهَادَةِ بِالْقَسَمِ وَالْحُكْمِ بِالْعَدْلِ وَالْمُسَاوَاةِ فِيهِمَا بَيْنَ غَيْرِ
الْمُسْلِمِينَ كَالْمُسْلِمِينَ وَلَوْ لِلْأَعْدَاءِ عَلَى الْأَصْدِقَاءِ، وَتَأْكِيدُ وُجُوبِ الْعَدْلِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ وَالْأَعْمَالِ. [رَاجِعْ ص 226، 326، 341، 348 ج 6 ط الْهَيْئَةِ] .
(17) الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ الْعَامُّ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ الَّتِي يَتَعَاقَدُ النَّاسُ عَلَيْهَا فِي جَمِيعِ مُعَامَلَاتِهِمُ الدُّنْيَوِيَّةِ مِنْ شَخْصِيَّةٍ وَمَدَنِيَّةٍ. وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَهِيَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى وَكَّلَ أَمْرَ الْعُقُودِ الَّتِي يَتَعَامَلُونَ بِهَا إِلَى عُرْفِهِمْ وَمُوَاضَعَاتِهِمْ; لِأَنَّهَا مِنْ مَصَالِحِهِمُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ، فَلَمْ يُقَيِّدْهُمْ فِي أَحْكَامِهَا وَشُرُوطِهَا بِقُيُودٍ دَائِمَةٍ إِلَّا مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ الْأَحْوَالُ وَالْعُرْفُ، كَتَحْرِيمِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ كَالرِّبَا وَالْقِمَارِ، فَكُلُّ عَقْدٍ يَتَعَاقَدُ عَلَيْهِ النَّاسُ لَمْ يُحِلَّ حَرَامًا وَلَمْ يُحَرِّمْ حَلَالًا مِمَّا ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَلَوِ اقْتِضَاءً فَهُوَ جَائِزٌ.
(18) إِيجَابُ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَمِنْهُ تَأْلِيفُ الْجَمَاعَاتِ الْخَيْرِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ وَتَحْرِيمُ التَّعَاوُنِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
(19) بَيَانُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، فَهُوَ جَعْلٌ تَكْوِينِيٌّ بِاعْتِبَارٍ وَشَرْعِيٌّ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عِلْمِهِ الْوَاسِعِ الْمُحِيطِ بِالْأَشْيَاءِ وَالْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ وَالْمَنَافِعِ.
(20) النَّهْيُ عَنْ مُوَالَاةِ الْمُؤْمِنِينَ لِلْكَافِرِينَ وَبَيَانُ أَنَّ مِنْ آيَاتِ النِّفَاقِ وَمَرَضِ الْقَلْبِ