إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (16)
البطش: الأخذ بالعنف والشدة، يبدئ ويعيد: أي هو الذي يبدأ الخلق ثم يفنيهم ثم يعيدهم أحياء مرة أخرى، ليجازيهم بما عملوا فى حياتهم الأولى، الغفور: أي الذي يعفو ويستر ذنوب عباده بمغفرته، الودود: أي الذي يحب أولياءه ويتودّد إليهم بالعفو عن صغير ذنوبهم، ذو العرش: أي صاحب الملك والسلطان والقدرة النافذة، المجيد: أي السامي القدر المتناهي فى الجود والكرم، تقول العرب: «فى كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار» : أي تناهيا فى الاحتراق حتى يقتبس منهما.
بعد أن ذكر وعيد الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات، ووعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات. ووصف ما أعدّ لهم من الثواب كفاء أعمالهم- أردف ذلك كله بما يدل على تمام قدرته على ذلك، ليكون ذلك بمثابة توكيد لما سبق من الوعيد والوعد فالملك لا يعظم سلطانه وهيبته فى النفوس إلا بأمرين:
(1) الجود الشامل والإنعام الكامل، وبذا يرجى خيره.
(2) الجيوش الجرارة والأساطيل العظيمة التي توقع بأعدائه وتنكل بهم، وبذلك يهاب جانبه، وإليهما معا أشار بقوله فيما سلف: «الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ» وهنا زاد الأمر إيضاحا بقوله «إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ» الآية.