وأدبر واستكبر، ووالى أعداء الله، وألقى إليهم بالمودة فلا يضرنّ إلا نفسه، فإن الله غنى عن إيمانه وطاعته، بل عن جميع خلقه، محمود بأياديه وآلائه عليهم.
ونحو الآية قوله تعالى: «إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ» .
عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)
عسى: كلمة تفيد رجاء حصول ما بعدها، فإذا صدرت من الله فما بعدها واجب الوقوع، أن تبروهم: أي تفعلوا البر والخير لهم، وتقسطوا إليهم: أي تعدلوا فيهم بالبر والإحسان، المقسطين: أي العادلين، وظاهروا: أي ساعدوا، أن تولوهم: أي أن تكونوا أولياء وأنصارا لهم.
لما نهاهم عن موالاة الكفار وإلقاء المودة إليهم، وضرب لهم المثل بإبراهيم وقومه- حملهم ذلك على أن يظهروا براعتهم من أقربائهم، والتشدد فى معاداتهم